المهاجرين ، ثم الأولون من الأنصار ، ثم من بعدهم منهم ولا تقطع على إنسان منهم بعينه أنه أفضل من آخر من طبقته ، ولقد رأينا من متقدمي أهل العلم ممن يذهب إلى هذا القول.
وقال لي يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري غير ما مرة إن هذا هو قوله ومعتقده.
قال الفقيه أبو محمد رحمهالله : والذي نقول به وندين الله تعالى عليه ، ونقطع على أنه الحق عند الله عزوجل أن أفضل الناس بعد الأنبياء عليهمالسلام نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم أبو بكر رضي الله عنه ، ولا خلاف بين أحد من المسلمين في أن أمة محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل الأمم ، لقول الله عزوجل : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [سورة آل عمران : ١١٠]. وأن هذه قاضية على قوله تعالى لبني إسرائيل (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة البقرة : ٤٧ و ١٢٢] وأنها مبينة بأنّ مراد الله تعالى من ذلك عالم الأمم حاشا هذه الأمة.
قال أبو محمد : ثم نقول وبالله تعالى التوفيق : إن الكلام المهمل دون تحقيق المعنى المراد بذلك الكلام فإنه طمس للمعاني ، وصد عن إدراك الصواب ، وتعريج عن الحق ، وإبعاد عن الفهم ، وتخليط وعمى ، فلنبدأ بعون الله تعالى وتأييده بتقسيم وجوه الفضل التي بها يستحق التفاضل وتفسيرها ، فإذا استبان معنى الفضل وعلى ما ذا تقع هذه اللفظة ، فبالضرورة نعلم حينئذ أن من وجدت فيه هذه الصفات أكثر فهو أفضل بلا شك ، فنقول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم :
إن الفضل ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما : فضل اختصاص من الله عزوجل بلا عمل ، وفضل مجازاة من الله تعالى بعمل.
فأما فضل الاختصاص دون عمل فإنه يشترك فيه جميع المخلوقين من الحيوان الناطق والحيوان غير الناطق والجمادات والأعراض كفضل الملائكة في ابتداء خلقهم على سائر الخلق وكفضل الأنبياء في ابتداء خلقهم على سائر الجن والإنس ، وكفضل إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوسلم على سائر الأطفال ، وكفضل ناقة صالح عليهالسلام على سائر النوق ، وكفضل ذبيحة إبراهيم عليهالسلام على سائر الذبائح ، وكفضل مكة على سائر البلاد ، وكفضل المدينة بعد مكة على غيرها من البلاد وكفضل المساجد على سائر البقاع ، وكفضل الحجر الأسود على سائر الحجارة ، وكفضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وكفضل يوم الجمعة وعرفة وعاشوراء والعشر على سائر ، الأيام وكفضل ليلة القدر على سائر الليالي ، وكفضل صلاة الفرض على النافلة ، وكفضل صلاة العصر