يأتي وما يذر. وكذلك أيضا قالت الخوارج والشيعة فإن الشيعة يفضلون أنفسهم وهم شر خلق الله عزوجل على أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة والزبير ، وعائشة وجميع الصحابة رضي الله عنهم حاشا عليا ، والحسن ، والحسين ، وعمار بن ياسر. والخوارج يفضلون أنفسهم وهم شر خلق الله عزوجل وكلاب النار على عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، ولقد خاب من خالف كلام الله تعالى وقضاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد : وكذلك القليل من الجهاد والصدقة في زمان الشدائد أفضل من كثيرهما في وقت القوة والسعة ، وكذلك صدقة المرء بدرهم في زمان فقره وصحته يرجو الحياة ويخاف الفقر أفضل من الكبير (١) يتصدق به في عرض غناه ، وفي وصيته بعد موته ، وقد صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سبق درهم مائة ألف» وهو إنسان كان له درهمان تصدق بأحدهما ، والآخر عمد إلى عرض ماله فتصدق منه بمائة ألف. وكذلك صبر المرء على أداء الفرائض في حال خوفه ، ومرضه ، وقليل تنفله في زمان مرضه وخوفه أفضل من عمله وكثير تنفله في زمان صحته وأمنه ، ففضل من ذكرنا غيرهم بزمان عملهم ، وكذلك من وفق لعمل الخير في زمان آخر أجله هو أفضل ممن خلط في زمان آخر أجله.
وأما المكان فكصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة فهما أفضل من ألف صلاة فيما عداهما ، وتفضل الصلاة في المسجد الحرام على صلاة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمائة فرجة ، وكصيام في بلد العدو ، وفي الجهاد على صيام في غير الجهاد ففضل من عمل في المكان الفاضل أفضل من غيره ممن عمل في غير ذلك المكان بمكان عمله ، وإن تساوى العملان.
وأما الإضافة فركعة من نبي أو ركعة مع نبي أو صدقة من نبي أو صدقة معه أو ذكر منه أو ذكر معه وسائر أعمال البر منه أو معه فقليل ذلك معه أفضل من كثير الأعمال بعده ، ويبين ذلك ما قد ذكرنا آنفا من قول الله عزوجل : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) [سورة الحديد : ١٠].
وإخباره عليهالسلام أن أحدنا لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ نصف مد من أحد من الصحابة رضي الله عنهم (٢) ، فبهذا فضل الصحابة رضي الله عنهم من جاء بعدهم.
__________________
(١) كذا في الأصل. ولعلها : «الكثير».
(٢) رواه البخاري في فضائل الصحابة باب ٥ ، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ٢٢١ و ٢٢٢ ، وأبو داود في السنّة باب ١٠ ، والترمذي في المناقب باب ٥٨ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١١ ، وأحمد في المسند (٣ / ١١ ، ٥٤ ، ٦ / ٦).