هنالك ، وكما صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ آخر من يدخل الجنة يزكو على أعظم ملك عرفه في الدنيا فيتمنى مثل ملكه فيعطيه الله تعالى مثل الدنيا عشر مرات».
قال أبو محمد : فلما صح ما ذكرنا وكانت الملائكة طبقة واحدة إلا أنهم يتفاضلون فيها وكانت طبقة المرسلين النبيين طبقة واحدة ومنازلهم في درجات متقاربة إلا أنّهم أيضا يتفاضلون فيها ، وهم كلهم طبقة واحدة والنبيّون غير المرسلين طبقة واحدة إلا أنهم أيضا يتفاضلون فيها وكل الصحابة طبقة واحدة إلا أنهم يتفاضلون فيها ، فوجب بلا شك أن لا يكون أتباع الرسل من النساء والأصحاب كالمتبوعين الذين هم الرسل لأن بالضرورة نعلم أن تابع الأعلى ليس لاحقا نظير متبوعه فكيف أن يكون أعلى منه. كما أن التابعيات من نساء الصحابة رضي الله عنهم لا يلحقن نظراء أزواجهن من الصحابة إذ لسن معهم في طبقة ، وإنما ننظر بين أهل كل طبقة ومن هو في طبقته ، ونساء النبي صلىاللهعليهوسلم طبقة واحدة مع الصحابة فصح التفاضل بينهم وليس واحدة منهن ولا منهم مع الأنبياء في طبقة فلم يجز أن ينظر بينهم وقد أخبر عليهالسلام أنه رأى ليلة الإسراء الأنبياء عليهمالسلام في السموات سماء سماء. وبالضرورة نعلم أنّ منزلة النبي الذي هو متبوع في سماء الدنيا أمره هناك مطاع أعلى من منزلة التابع في السماء السابعة للنبي الذي هناك وإذ قد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن كل نبي يأتي مع أمته فنحن مع نبينا صلىاللهعليهوسلم.
فإن كان ما ألزمناه مكيّ لازما لنا ، فيلزمه مثل ذلك فينا أيضا أن نكون أفضل من الأنبياء وهذا غير لازم لما ذكرنا من أنه لا ينظر في الفضل إلا بين من كان من أهل طبقة واحدة فمن كان منهم أعلى منزلة من الآخر كان أفضل منه بلا شك ، وليس ذلك في الطباق المختلفة ألا ترى أن كون مالك خازن النار في مكان غير مكان خازن الجنة وغير مكان جبرائيل لا تحط درجته عن درجة من في الجنة من الناس الذين الملائكة جملة أفضل منهم لأن مالكا متبوع في النار ومقدم مطاع مفضل بذلك على التابعين والخدمة في الجنة بلا شك فبطل هذا الشغب. ويجمع هذا الجواب باختصار وهو أن الرؤساء والمتبوعين من كل طبقة في الجنة أعلى من التابعين لهم ، ونساء النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كلهم أتباع له عليهالسلام ، وجميع الأنبياء متبوعون ، فإنما ينظر بين المتبوعين أيهم أفضل وينظر بين الأتباع أيهم أفضل ، ويعلم الفضل بعلو درجة كل فاضل من دونه في الفضل ، ولا يجوز أن ينظر بين الأتباع والمتبوعين لأن المتبوعين لا يكونون البتة أحط درجة من التابعين ، وبالله تعالى التوفيق.
فإن قال قائل : فكيف يقولون في الحور العين أهن أفضل من الناس ومن الأنبياء