فعليه الدليل وهذا ما لا سبيل له إلى وجوده ، وإذ قد بطل هذان القولان أحدهما بالإجماع على أنه باطل ، والثاني لأنه دعوى لا دليل عليها ولا برهان فلم يبق إلا قولنا والحمد لله رب العالمين الموفق للصواب بفضله.
ثم نقول وبالله تعالى نستعين : قد صح أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب الناس حين ولي بعد موت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أيها الناس إني وليتكم ولست بخيركم» فقد صح عنه رضي الله عنه أنه أعلن بحضرة جميع الصحابة رضي الله عنهم أنه ليس بخيرهم ، ولم ينكر هذا القول منهم أحد ، فدل على متابعتهم له ولا خلاف في أنه ليس في أحد من الحاضرين لخطبة إنسان يقول فيه أحد من الناس إنه خير من أبي بكر ، إلا علي ، وابن مسعود ، وعمر ، وأما جمهور الحاضرين من مخالفينا في هذه المسألة من أهل السنة ، والمرجئة ، والمعتزلة ، والخوارج ، فإنهم لا يختلفون في أن أبا بكر أفضل من علي ، وعمر ، وابن مسعود ، وخير منهم ، فصح أنه لم يبق إلا أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم. فإن قال قائل : إنما قال أبو بكر هذا تواضعا. قلنا له : هذا هو الباطل المتيقن لأن الصديق الذي سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهذا الاسم لا يجوز أن يكذب ، وحاشا له من ذلك ، ولا يقول إلا الحق والصدق ، فصح أن الصحابة متفقون في الأغلب على تصديقه في ذلك ، فإذ ذلك كذلك وسقط بالبرهان الواضح أن يكون أحد من الصحابة رضي الله عنه خيرا من أبي بكر إلا أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ونساؤه ووضح أننا لو قلنا : إنه إجماع من جمهور الصحابة لم يبعد من الصدق.
قال أبو محمد : وأيضا فإن يوسف بن عبد الله النمري حدثنا قال حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي ، حدثنا محمد بن العباس البغدادي ، حدثنا إبراهيم بن محمد البصري ، حدثنا أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني ، قال : كان عمار بن ياسر والحسن بن علي يفضلان علي بن أبي طالب على أبي بكر الصديق وعمر.
حدثنا أحمد بن محمد الخوزي ، حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري ، حدثنا محمد بن جرير الطبري ، أن علي بن أبي طالب بعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى الكوفة إذ خرجت أم المؤمنين إلى البصرة ، فلما أتياها اجتمعا إليهما الناس في المسجد ، فخطبهم عمار وذكر لهم خروج عائشة أم المؤمنين إلى البصرة ثم قال لهم : إني أقول لكم وو الله إنني لأعلم أنها زوجة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الجنة ، كما هي زوجته في الدنيا ، ولكن الله ابتلاكم بها لتطيعوها أو لتطيعوه ، فقال له مسروق بن الأسود : يا أبا اليقظان