فنحن مع من شهدت له بالجنة دون من لم تشهد له ، فسكت عمار وقال له الحسن : أعن نفسك عنا. فهذا عمار والحسن وكل من حضر من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، والكوفة يومئذ مملوءة منهم ، يسمعون تفضيل عائشة على علي ، وهو عند عمار والحسن أفضل من أبي بكر وعمر ، فلا ينكرون ذلك ولا يعترضونه وهم أحوج ما كانوا إلى إنكاره فصح أنهم متفقون على أنها وأزواجه عليهالسلام أفضل من كل الناس بعد الأنبياء عليهمالسلام.
ومما يبيّن أن أبا بكر رضي الله عنه لم يقل وليتكم ولست بخيركم إلا محقا ، صادقا ، لا تواضعا يقول فيه الباطل ، وحاشا له من ذلك ما حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي قال حدثنا أحمد بن محمد بن مفرج ، حدثنا محمد بن أيوب الصموت الرقّي ، أنا أحمد بن عمر بن عبد الخالق البران ، حدثنا عبد الملك بن سعد ، حدثنا عقبة بن خالد ، حدثنا شعبة بن الحجاج ، حدثنا الحريري عن أبي بصرة عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ألست أحق الناس بها؟ أو لست أول من أسلم؟ ألست صاحب كذا ..؟
قال أبو محمد : فهذا أبو بكر رضي الله عنه يذكر فضائل نفسه ، إذ كان صادقا فيها ، فلو كان أفضلهم لصرح بذلك وما كتمه وقد نزهه الله تعالى عن الكذب ، فصح قولنا نصا والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : ثم وجب القول فيمن هو أفضل الصحابة بعد نساء النبي صلىاللهعليهوسلم فلم نجد لمن فضل ابن مسعود ، أو عمر ، أو جعفر بن أبي طالب ، أو أبا سلمة ، أو الثلاثة الأسهليين على جميع الصحابة حجة يعتمد عليها ، ووجدنا من يتوقّف لم يزد على أنه لم يلح له بالبرهان أنهم أفضل ولو لاح له لقال به ، ووجدنا العدد والمعارضة في القائلين بأن عليا أفضل أكثر ، فوجب أن يأتي بما شغبوا به ليلوح الحق في ذلك وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وجدناهم يحتجون بأن عليا كان أكثر الصحابة جهادا ، وطعنا في الكفار ، وضربا ، والجهاد أفضل الأعمل.
قال أبو محمد : وهذا خطأ لأن الجهاد ينقسم أقساما ثلاثة :
أحدها : الدعاء إلى الله عزوجل باللسان.
والثاني : الجهاد عند الحرب بالرأي والتدبير.
والثالث : الجهاد باليد في الطعن والضرب.
فوجدنا الجهاد باللسان لا يلحق فيه أحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا بكر وعمر ، أما