قاتل تلك الطائفة علي رضي الله عنه فهو صاحب الحق بلا شك وكذلك أنذر عليهالسلام بأن عمارا تقتله الفئة الباغيّة (١) فصح أن عليا هو صاحب الحق ، وكان عليّ السابق إلى الإمامة ، فصح بعد أنه صاحبها وأن من نازعه فيها فمخطئ ، فمعاوية رحمهالله مخطئ مأجور مرة لأنه مجتهد ، ولا حجة في خطأ المخطئ فبطل قول هذه الطائفة.
وأيضا فإن قول الأنصار رضي الله عنهم منا أمير ومنكم أمير ، يخرج على أنهم إنما أرادوا أن يلي وال منهم فإذا مات ولي من المهاجرين آخر وهكذا أبدا لا على أن يكون إمامان في وقت ، وهذا هو الأظهر من كلامهم.
وأما علي ومعاوية رضي الله عنهما فما سلّم قط أحدهما للآخر ، بل كل واحد منهما يزعم أنه المحق ، وكذلك كان الحسن رضي الله عنه إلى أن أسلم الأمر إلى معاوية ، فإذ هذا كذلك فقد صح الإجماع على بطلان قول ابن كرام وأبي الصباح ، وبطل أن يكون لهم تعلق في شيء أصلا وبالله تعالى التوفيق.
ثم اختلف القائلون بوجوب الإمامة على فرقتين فذهب أهل السنة ، وجميع الشيعة ، وبعض المعتزلة ، وجمهور المرجئة إلى أن الإمامة لا تجوز إلا في قريش خاصة من كان من ولد فهر بن مالك ، وأنها لا تجوز فيمن كان أبوه من غير بني فهر بن مالك ، وإن كانت أمه من قريش ، ولا في حليف ولا في مولى.
وذهبت الخوارج كلها ، وجمهور المعتزلة ، وبعض المرجئة ، إلى أنها جائزة في كل من قام بالكتاب والسنة ، قرشيا كان أو عربيا ، أو ابن عبد ، وقال ضرار بن عمرو الغطفاني : إذا اجتمع حبشي وقرشي كلاهما قائم بالكتاب والسنة ، فالواجب أن يقدم الحبشي لأنه أسهل لخلعه ، إذا حاد عن الطريقة.
قال أبو محمد : وبوجوب الإمامة في ولد فهر بن مالك خاصة نقول بنص رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أن «الأئمة من قريش» (٢) وعلى أن الإمامة في قريش.
وهذه رواية جاءت مجيء التواتر ، ورواها أنس بن مالك ، وعبد الله بن عمر بن
__________________
المسند (٥ / ٢٥ ، ٤٢٥).
(١) لفظ الحديث : «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» رواه من طرق : البخاري في الصلاة باب ٦٣. ومسلم في الفتن حديث ٧٠ و ٧٢ و ٧٣. والترمذي في المناقب باب ٣٤. وأحمد في المسند (٢ / ١٦١ ، ١٦٤ ، ٢٠٦ ، ٣ / ٥ ، ٢٢ ، ٢٨ ، ٩١ ، ٤ / ١٩٧ ، ١٩٩ ، ٥ / ٢١٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٦ / ٢٨٩ ، ٣٠٠ ، / ٣١ ، ٣١٥).
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند (٣ / ١٢٩ ، ١٨٣ ، ٤ / ٤١٢).