وسعيد بن زيد ، فلا شك في أنه أتم زهدا أو أعزب عن جميع معاني الدنيا يقينا ممن أخذ منها مما أبيح له أخذه ، فصح بالبرهان الضروري أن أبا بكر رضي الله عنه أزهد من جميع الصحابة ثم عمر بن الخطاب بعده.
وقال هذا القائل : وكان عليّ أكثرهم صدقة.
قال أبو محمد : وهذه مجاهرة بالباطل لأنه لم يحفظ لعلي مشاركة ظاهرة بالمال وأما أمر أبي بكر رضي الله عنه في إنفاق ماله في سبيل الله عزوجل فأشهر من أن يخفى على اليهود والنصارى فكيف على المسلمين؟ ثم لعثمان بن عفان رضي الله عنه في هذا المعنى من تجهيز جيش العسرة ما ليس لغيره ، فصح أن أبا بكر أعظم صدقه وأكثر مشاركة وغنى في الإسلام بماله من علي رضي الله عنه.
وقالوا : علي هو السابق إلى الإسلام ولم يعبد قط وحدثنا.
قال أبو محمد : أما السابقة فلم يقل قط أحد يعتد به أن عليا مات وله أكثر من ثلاث وستين سنة ومات بلا شك سنة أربعين من الهجرة ، فصح أنه كان حين هاجر النبي صلىاللهعليهوسلم ابن ثلاث وعشرين سنة ، وكانت مدة النبي صلىاللهعليهوسلم بمكة في النبوة ثلاث عشرة سنة فبعث عليهالسلام ولعلي عشرة أعوام ، فإسلام ابن عشرة أعوام ودعاؤه إليه إنما هو كتدريب المرء ولده الصغير على الدين لا أن عنده غناء ، ولا أن عليه إثما إن أبى ، فإن أخذ الأمر على قول من قال إن عليا مات وله ثمان وخمسون سنة ، فإنه كان إذ بعث النبي صلىاللهعليهوسلم ابن خمسة أعوام ، وكان إسلام أبي بكر ابن ثمان وثلاثين سنة ، وهو الإسلام المأمور به من عند الله عزوجل ، وأما من لم يبلغ الحلم فغير مكلف ولا مخاطب فسابقة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بلا شك أسبق من سابقة علي ، وأما عمر فإن كان إسلامه تأخر بعد البعث بستة أعوام فإن عناء كان أكثر من عناء أكثر من أسلم قبله ولم يبلغ على حد التكليف إلا بعد أعوام من مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبعد أن أسلم كثير من الصحابة رجال ونساء بعد أن عذبوا في الله تعالى ولقوا فيه الألاقي. وأما كونه لم يعبد قط وحدثنا فنحن وكل مولود في الإسلام لم نعبد قط وحدثنا ، وعمار والمقداد وسلمان وأبو ذر ، وحمزة وجعفر ، رضي الله عنهم قد عبدوا الأوثان أفترانا أفضل منهم من أجل ذلك؟ معاذ الله من هذا ، فإنه لا يقوله مسلم ، فبطل أن يكون هذا يوجب لعلي فضلا على أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان ذلك يوجب له فضلا زائدا لكانت عائشة سابقة لعلي رضي الله عنهما في هذا الفضل ، لأنها كانت إذ هاجر النبي صلىاللهعليهوسلم بنت ثماني سنين وأشهر ، ولم تولد إلا بعد إسلام أبيها بسنين ، وعلي ولد