وقتلة عثمان ، وقتلة الزبير وقتلة الحسين رضي الله عنهم ولعن قتلتهم ومن بعثهم. فمن خالف قولنا في هذا الخبر لزمه أن يقول : إن هؤلاء الفساق الأخابث أفضل من كل فاضل في القرن الثالث ومن بعده ، كسفيان الثوري ، والفضيل بن عياض ، ومسعر بن كدام ، وشعبة ومنصور بن المعتمر ومالك والأوزاعي والليث وسفيان بن عينية ووكيع وابن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، وداود به علي رضي الله عنهم ، وهذا ما لا يقوله أحد. وما يبعد أن يكون في زماننا وفيمن يأتي بعدنا من هو أفضل من أفضل رجل من التابعين عند الله عزوجل ، إذ لم يأت في المنع من ذلك نص ولا دليل أصلا ، والحديث المأثور في أويس القرني لا يصح لأن مداره على أسيد بن جابر وليس بالقوي ، وقد ذكر شعبة أنه سأل عمرو بن مرة وهو كوفي قرني مرادي من أشرف مراد وأعلمهم بهم عن أويس القرني فلم يعرفه في قومه ، وأما الصحابة رضي الله عنهم فخلاف هذا ولا سبيل إلى أن يلحق أقلهم درجة أحد من أهل الأرض ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وذهب بعض الروافض إلى أن لذوي قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فضلا بالقرابة فقط ، واحتج بقول الله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) [سورة آل عمران : ٣٣].
وبقوله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [سورة الشورى : ٢٣] وبقوله تعالى : (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [سورة البقرة : ١٢٩].
قال أبو محمد : وهذا كله لا حجة فيه ، أما إخباره تعالى بأنه اصطفى آل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، فإنه لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما : إما أن يعني كل مؤمن فقد قال ذلك بعض العلماء أو يعني مؤمني أهل بيت إبراهيم وعمران لا يجوز غير هذا ، لأن آزر والد إبراهيم عليهالسلام كان كافرا عدوا لله لم يصطفه الله تعالى إلا لدخول النار ، فإن أراد الوجه الذي ذكرنا لم نمانعه ولا ننازعه في أن موسى وهارون من آل عمران ، وأن إسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف من آل إبراهيم مصطفون على العالمين ، فأي حجة هاهنا لبني هاشم؟
فإن ذكروا الدعاء المأمور به وهو اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد.
فالقول في هذا كما قلنا ولا فرق ، وهذا دعاء لكل مؤمن ، وقد قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [سورة التوبة : ١٠٣].