وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم صل على آل أبي أوفى» (١) فهذا هو الدعاء لهم بالصلاة على كل مؤمن ومؤمنة بلا خلاف ، وكذلك الدعاء في التشهد المفترض في كل صلاة من قول المصلي : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فهذا السلام على كل مؤمن ومؤمنة فاستوى بنو هاشم وغيرهم في إطلاق الدعاء بالصلاة عليهم وبالسلام عليهم ولا فرق ، وقال تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [سورة البقرة : ١٥٥] فوجبت صلوات الله تعالى على كل مؤمن صابر واستوى في هذا كله بنو هاشم وقريش والعرب والعجم من كان جميعهم بهذه الصفة ، وأيضا فيلزم من احتج بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة آل عمران : ٣٣] أن يقول : إن من أسلم من الهارونيين من اليهود أفضل من بني هاشم ، وأشرف وأولى بالتقديم ، لأنه من آل عمران ومن آل إبراهيم وفيهم ورد النص.
قال أبو محمد : فصح يقينا أن الله عزوجل إنما أراد بذلك الأنبياء عليهمالسلام فقط وبيّن هذا بيانا جليا قول الله عزوجل حاكيا عن إبراهيم عليهالسلام أنه (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [سورة البقرة : ١٢٤] فسوى الله تعالى بين الظالمين من ذرية إبراهيم عليهالسلام وبين الظالمين من ذرية غيره. وقال عزوجل : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [سورة آل عمران : ٦٨] النبي عليهالسلام فخص الله تعالى بولاية إبراهيم عليهالسلام ومن اتبع إبراهيم كائنا من كان فدخل في هذا كل مؤمن ومؤمنة ولا فضل.
وأما قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [سورة الشورى : ٢٣] فهذا حق على ظاهره ، وإنما أراد عليهالسلام من قريش أن يودوه لقرابته منهم ولا يختلف أحد من الأمة في أنه عليهالسلام لم يرد قط من المسلمين أن يودوا أبا لهب وهو عمه ، ولا شك في أنه عليهالسلام أراد من المسلمين مودة بلال ، وعمار وصهيب ، وسلمان ، وسالم مولى أبي حذيفة وأما قوله عزوجل عن إبراهيم عليهالسلام : (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [سورة البقرة : ١٢٩] فقد قال عزوجل : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [سورة فاطر : ٢٤] وقال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
__________________
(١) رواه البخاري في الدعوات باب ٣٢. وأبو داود في الزكاة باب ٧. والنسائي في الزكاة باب ١٣. وابن ماجة في الزكاة باب ٨. وأحمد بن حنبل في المسند (٤ / ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٨١ ، ٣٨٣).