بأنه جائز أن يكون في الأمة من هو أفضل من رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حين بعث إلى أن مات.
قال أبو محمد : وما في خذلان الله عزوجل أحمق من هاتين القضيتين لا سيما إذا اقترنتا ، والحمد لله على السلامة.
فإن قال قائل : كيف تحتجون هنا بقول الأنصار رضي الله عنهم في دعائهم إلى سعد بن عبادة وهو عندكم خطأ وخلاف للنص من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ وكيف تحتجون في هذا أيضا بقول أبي بكر : رضيت لكم أحد هذين ، وخلافة أبي بكر رضي الله عنه عندكم نص من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمن أين له أن يترك ما نصّ عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟
قلنا وبالله تعالى التوفيق : إن فعل الأنصار رضي الله عنهم انتظم حكمين ، أحدهما : تقديم من ليس قرشيا ، وهذا خطأ قد خالفهم فيه المهاجرون فسقطت هذه القضية.
والثاني : جواز تقديم من غيره أفضل منه ، وهذا صواب وافقهم عليه أبو بكر وغيره ، فصار إجماعا فقامت به الحجة ، وليس خطأ من أخطأ في قول وخالفه فيه من أصاب الحق بموجب ألّا يحتجّ بصوابه الذي وافقه فيه أهل الحق ، وهذا ما لا خلاف فيه وبالله تعالى التوفيق.
وأمّا أمر أبي بكر فإن الحق كان له بالنص ، وللمرء أن يترك حقّه إذا رأى في تركه إصلاح ذات بين المسلمين ، ولا فرق بين عطية أعطاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنسانا من المسلمين فكان للمعطى أن يعطي غيره ما أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبين منزلة صيّرها رسول الله صلىاللهعليهوسلم لإنسان فكان له أن يتجافى عنها لغيره إذ لم يمنعه من ذلك نصّ ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق.
__________________
وعلي بن عمر الحربي وأبي الحسن الدار قطني وجماعة. ولازم الباقلاني حتى برع في علم الكلام. قال الخطيب : كتبت عنه ، وكان صدوقا فاضلا حنفيّا يعتقد مذهب الأشعري ، وله تصانيف. وقد ذكره ابن حزم فقال : هو أبو جعفر السمناني المكفوف ، هو أكبر أصحاب أبي بكر الباقلاني ومقدّم الأشعرية في وقتنا ، ومن مقالته قال : من سمى الله جسما من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى ، وأخطأ في التسمية فقط. ثم أخذ ابن حزم يشنّع على السمناني وذكر عنه تجويز الردّة على الرسول بعد أداء الرسالة. توفي أبو جعفر بالموصل سنة ٤٤٤ ه ، وله ثلاث وثمانون سنة. انظر ترجمته في تاريخ بغداد (١ / ٣٥٥) والوافي بالوفيات (٢ / ٦٥) وسير أعلام النبلاء (١٧ / ٦٥١) واللباب لابن الأثير (٢ / ١٤١) والجواهر المضية (٢ / ٢١) وغيرها.