كما هو الحال في مسند زرارة بن أَعْيَن ، ومسند محمّد بن مسلم المطبوعين.
ولو استخدمت هذه الصورة في جمع ما أسنده بعض الرواة الذين أكثروا من الرواية عن الأئمّة عليهمالسلام ولم يرد توثيق بحقّهم ، أو اختلف الرجاليّون بشأنهم ؛ لسهّلت الوقوف على امور كثيرة قد تؤدّي إلى إعادة النظر في تقييم حال اولئك الرواة ؛ لأنّ النظر في نشاطهم العلمي وتراثهم الفكري يكشف عن أشياء ذات صلةٍ وثيقةٍ بالدقّة والضبط والعلم والوثاقة وغيرها من الامور التي ربّما لم تلحظ في تقييمهم بكتب الرجال.
ومهما يكن ، فقد استخدم الكليني قدسسره الطريقة الاولى في تصنيف كتابه الكافي ، لتلبيتها غرضه في أن يكون كتابه مرجعاً للعالِم والمتعَلّم ، سهل التناول في استخراج أيّ حديث من أحاديثه.
وقد حقّق ثقة الإسلام هذا المطلب على أحسن ما يُرام ، إذْ قسّم كتابه الكافي على ثلاثة أقسام رئيسيّة ، وهي : اصول الكافي ، وفروع الكافي ، وروضة الكافي.
ثمّ قسّم اصول الكافي على ثمانية كتب اشتملت على (٤٩٩) باباً ، وتجد هذا التصنيف نفسه مع فروع الكافي أيضاً ، إذ اشتملت على (٢٦) كتاباً ، فيها (١٧٤٤) باباً. أمّا قسم الروضة من الكافي فلم يخضعه إلى هذا المنهج من التصنيف ، بل ساق أحاديثه تباعاً من غير كتب أو أبواب ، بل جعله كتاباً واحداً.
شبهة فصل كتاب الروضة عن الكافي :
إنّ أوّل من أثار هذه الشبهة هو الخليل بن غازي القزويني ( م ١٠٨٩ هـ ) ، فيما حكاه الشيخ عبدالله الأفندي في رياض العلماء ؛ إذ قال في ترجمته : « .. وكان له رحمهالله أقوال في المسائل الاصوليّة والفروعيّة انفرد في القول بها ، وأكثرها لا يخلو من عجب وغرابة ـ إلى أن قال : ـ ومن أغرب أقواله : بأنّ الكافي بأجمعه قد شاهده الصاحب عليهالسلام ... وإنّ الروضة ليس من تأليف الكليني رحمهالله ، بل هو من تأليف ابن إدريس ، وإن ساعده في الأخير بعض الأصحاب ، وربّما ينسب هذا القول الأخير إلى الشهيد الثاني أيضاً ، ولكن لم يثبت » (١).
__________________
(١) رياض العلماء ، ج ٢ ، ص ٢٦١.