اختلاط أوراقه بين نظريّتين ، جعل إسلام الرازيّين ـ في ذلك الحين ـ غضّاً طريّاً قابلاً لأن يتأثّر بأيّ اتّجاه ويصطبغ بلونه ، ومن هنا كانت لبقية الخوارج الذين ارتثوا في معركة النهروان سنة ( ٤٠ هـ ) صوت يسمع في بلاد الريّ ، حيث اتّخذوها موطناً ، ومنها خرجت أنصارهم في معاركهم العديدة مع الامويّين.
٢ ـ النواصب :
انتقل النصب ـ وهو عداوة أهل البيت عليهمالسلام ـ إلى الريّ منذ أن وطأت أقدام الامويّين السلطة بعد صلح الإمام الحسن السبط عليهالسلام سنة ( ٤١ هـ ) ، حيث سنّ معاوية بدعته في سبّ أمير المؤمنين عليهالسلام على منابر المسلمين ، وكان منبر الريّ واحداً منها!
ولا شكّ في أنّ بقاء بدعة سبّ الوصيّ عليهالسلام زهاء ستّين عاماً كافية لأن تنشأ عليها أجيال لا تعرف من إسلامها شيئاً إلاّمن عصم الله.
ونتيجةً لوجود الهوى الاموي السفياني بين أهل الريّ فقد انتشرت في أوساطهم عقيدة الإرجاء ، واستمرّ وجودها إلى زمان ثقة الإسلام الكليني ، تلك العقيدة الخبيثة التي شجّعتها الامويّة ؛ لتكون غطاء شرعيّاً لعبثها في السلطة ، ومبرّراً لاستهتارها بمقدّرات الامّة ، واستباحتها لكلّ حرمة ، ونبذها كتاب الله والسنّة المطهّرة.
٣ ـ المعتزلة :
تأثّرت الريّ كغيرها من مدن الإسلام بآراء المدرستين الآتيتين ، وهما :
١ ـ المدرسة السلفيّة : وهي المدرسة التي كانت تهدف إلى إحياء المفاهيم السلفيّة الموروثة عن السلف وتحكيمها في مناحي الحياة ، ورفض المناظرة والجدل ، ويمثّل هذه المدرسة الفقهاء والمحدّثون من العامّة ، وقد بسطت هذه المدرسة نفوذها على مجمل الحركة الفكريّة في بلاد الإسلام ، إلاّفي فترات محصورة ومحدودة ترجّحت فيها كفّة المدرسة الثانية.
٢ ـ المدرسة العقليّة : وهي المدرسة التي استخدمت المنهج العقلي في فهم وتحليل جملة من النصوص التي تستدعي التوفيق بين أحكام الشرع وأحكام العقل ، وكان روّاد هذه المدرسة الشيعة والمعتزلة ، حيث اعتمدوا المنهج العقلي في تفسير ما لم يرد فيه أثر صحيح.