المرحلة الثالثة
مقابلة الكافي مع النسخ الخطّيّة والفرعيّة
لا شكّ أنّ المقابلة مع النسخ الخطّيّة تعتبر من الأركان المهمّة في عمل التصحيح ، وهذا العمل ـ مضافاً إلى أنّه يستغرق زماناً طويلاً ـ بحاجة إلى دقّة كثيرة ، وتتضاعف صعوبة العمل عندما تكون أكثر النسخ رديئة الخطّ ولا تقرأ إلاّبصعوبة شديدة ، وفي موارد عديدة وكثيرة تسخدم العدسات المكبّرة لقراءة كلمة مّا ، أو يستعان بعدّة أفراد متخصّصين لقرائتها وتشخيصها.
وممّا يزيد في مشقّة العمل أنّنا نرى أنّ بعض النسخ التي ينبغي مقابلتها قد قوبلت مع أصلها ، واثبت ما سقط أو صحّح منها في حاشيتها ، وكما أنّ أكثر النسخ الخطّيّة قد قوبلت مرّة اخرى مع سائر النسخ واثبتت الاختلافات في الحاشية برموز معيّنة ، ولكي تميّز النسخة الجديدة عن نسخة الأصل استدعى ذلك وقتاً طويلاً ، فكان العمل بحاجة إلى دقّة شديدة وسعة تُتحمّل معها المشقّة. وقد سعينا أن نُوجد الظروف الملائمة لعمل المقابلة ؛ كي ننقل الاختلافات الواردة في النسخ ومعرفة حواشيها بدقّة وأمانة.
ومن الطبيعي أنّ مَن يقوم بالمقابلة مهما كانت دقّته ، فسوف تفوته بعض الاختلافات ، ومقتضى إتقان العمل مقابلة كلّ متن مع النسخة الواحدة مقابلتين كاملتين كي يحصل الإطمينان بنقل جميع الاختلافات الواردة فيه ، ولكنّنا لم نقم بهذا العمل وذلك لكثرة نسخ الكافي ، فهو غير ممكن في فترة زمنيّة محدّدة ، بل يقتضي وقتاً طويلاً ، ولذا اكتفينا بأن نقابل كلّ نسخة مرّة واحدة مع ملاحظة الدقّة والعناية الشديدتين ، وسعينا أن نراجع مراجعات متعدّدة في خصوص الموارد المهمّة لكي نجبر النواقص المحتملة.
وفي هذه المرحلة قمنا بمقابلة كلّ كتاب من كتب الكافي مقابلة دقيقة مع سبع إلى إحدى عشرة نسخة خطّيّة ، مضافاً إلى مقابلة جميع النسخ الفرعيّة التي تقدّم ذكرها ، ونقلنا جميع الاختلافات الواردة فيها.
وكان العمل في هذه المرحلة مثمراً جدّاً حيث إنّه ـ مضافاً إلى أنّنا استعنّا به في تصحيح الكافي ـ تمّ حفظه كأسناد قيّمة يمكن الرجوع إليها والاستفادة منها في أيّ وقت.