والحجاز ودمشق آلاف الضحايا الأبرياء ، وبلغت قوّتهم في عصر الكليني رحمهالله أنّه لم يقدر على الوقوف بوجههم جيش مقاتل ، ولم تصمد أمامهم مدينة محاربة ، وقطع القرامطة الطريق على المسلمين حتّى توقّف الحجّ في زمانهم من سنة ( ٣٢٢ هـ ) إلى سنة ( ٣٢٧ ه ).
ومن جرائمهم الكبرى أنّهم اعتدوا على حرمة الكعبة المشرّفة سنة ( ٣١٧ هـ ) فدخلوا الحرم المكّي الشريف ، وقتلوا الحاجّ أثناء الطواف ، وطرحوا القتلى في بئر زمزم ، وعرّوا الكعبة المشرّفة من كسوتها ، وقلعوا بابها ، كما اقتلعوا الحجر الأسود وبقي عندهم أكثر من عشرين سنة في عاصمتهم « هجر » إلى أن رُدّ إلى مكانه بفضل الدولة الفاطميّة بمصر.
وكانت للقرامطة آراء وعقائد فاسدة كثيرة ، والكثير منها دالّ على كفرهم ومُرُوقهم من الدين ، كما نصّ على هذا أصحاب المقالات والفِرَق كالأشعري والنوبختي وغيرهم (١).
كلّ هذا حمل علماء الإماميّة للتصدّي إلى تلك الحركة قبل ظهورها بالكوفة ، كما يظهر من كتاب الفضل بن شاذان ( م ٢٦٠ هـ ) المعنون بكتاب الردّ على الباطنيّة والقرامطة (٢) ، والكليني المعاصر لتلك الحركة في تأليفه هذا الكتاب الذي نسبه إليه النجاشي (٣) والشيخ الطوسي (٤).
ولا يخفى ما يحمله عنوان الردّ على القرامطة من مسحة كلاميّة ، الأمر الذي يشير إلى تضلّع الكليني بعلم الكلام الإسلامي.
ثالثاً ـ كتاب رسائل الأئمّة عليهمالسلام :
ذكره النجاشي في مؤلّفات الكليني (٥) ، وسمّاه الشيخ الطوسي بـ « كتاب الرسائل » (٦)
__________________
(١) لخّصنا هذا الكلام بشأن تلك الحركة من مصادر عديدة ، منها : التنبيه والإشراف ، ص ٣٢٢ ـ ٣٢٥ و ٣٤٥ ؛ الكامل في التاريخ ، ج ٦ ، ص ٣٩٦ ـ ٤٣٧ ؛ وج ٧ ، ص ١٥ ـ ٣٢ ؛ البداية والنهاية ، ج ١١ ، ص ٩٢ ـ ١١٥ و ١٦٨ ـ ١٨٢.
(٢) الفهرست ، ص ١٩٨ ، الرقم ٥٦٣.
(٣) رجال النجاشي ، ص ٣٧٧ ، الرقم ١٠٢٦.
(٤) الفهرست ، ص ٢١٠ ، الرقم ٦٠٢.
(٥) رجال النجاشي ، ص ٣٧٧ ، الرقم ١٠٢٦.
(٦) الفهرست ، ص ٢١٠ ، الرقم ٦٠٢.