رابعاً ـ ولادته :
وسنبحثها من جهتين ، وهما :
١ ـ تاريخها : لم يؤرّخ أحد ولادة الشيخ الكليني ، ولهذا يتعذّر علينا معرفة مدّة عمره بالضبط. نعم ، يمكن تلمّس القرائن التي تفيدنا ـ على نحو التقريب ـ في تقدير عمره ، ومن تلك القرائن :
أ ـ إنّه وُصِفَ من المجدّدين على رأس المائة الثالثة ، والمجدّد لا يكون مجدّداً دون سنّ الأربعين عادة ، وهذه القرينة تعني أنّ ولادته كانت في حدود سنة ( ٢٦٠ ه ).
ب ـ إنّه حدّث في الكافي عن بعض المشايخ الذين ماتوا قبل سنة ( ٣٠٠ هـ ) ، كالصفّار ( م ٢٩٠ هـ ) ، وأبوالحسن الجواني ( م ٢٩١ هـ ) والهاشمي البغدادي ( م ٢٩١ هـ ) ، وهذه القرينة تساعد التقريب المذكور.
ج ـ إنّه كان ألمع شخصيّة إماميّة في بلاد الريّ قبل رحلته إلى بغداد ، كما يدلّ عليه قول النجاشي : « كان شيخ أصحابنا ـ في وقته ـ بالريّ ، ووجههم ». (١) مع كثرة علماء الشيعة بالريّ في عصر الكليني ، وإذا علمنا أنّه غادر الريّ إلى العراق قبل سنة ( ٣١٠ هـ ) ، أمكن تقدير عمره يوم مغادرته بنحو خمسين عاماً أو أقلّ منه بقليل ، وهو العمر الذي يؤهّله لزعامة الإماميّة في بلاد الريّ.
د ـ إنّ غرض الكليني من تأليف الكافي هو أن يكون مرجعاً للشيعة في معرفة اصول العقيدة وفروعها وآدابها ، بناء على طلب قُدِّم له في هذا الخصوص ، كما هو ظاهر من خطبة الكافي ، ومثل هذا الطلب لا يوجّه إلاّلمن صَلُبَ عوده في العلم ، وعرفت كفاءته ، وصار قطباً يعتمد عليه في مثل هذا الأمر الخطير. وعليه ، فإن قلنا بأنّ سنة ( ٢٩٠ هـ ) هي بداية الشروع في تأليف الكافي بناء على وفاة بعض مشايخه حدود هذا التاريخ ، فلا أقلّ من أن يكون عمره وقت التأليف ثلاثين عاماً إن لم يكن أكثر من ذلك ، وهذه القرينة تقوّي ما تقدّم في تقرير ولادته في حدود سنة ( ٢٦٠ هـ ) أيضا.
ويستفاد ممّا تقدّم أنّ ولادته كانت في أواخر حياة الإمام العسكري عليهالسلام أو بعدها
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٣٧٧ ، الرقم ١٠٢٦.