أنّهم وافقوا المعتزلة في كثير من المسائل.
وذكر الاسفراييني أنّ فرق النجاريّة في الريّ أكثر من عشر فرق ، إلاّ أنّه اكتفى بذكر أشهرها ، ومثله فعل الشهرستاني في الملل ، إذ ذكر ثلاث فرق فقط ، هي : « البرغوثيّة » و « الزعفرانيّة » و « المستدركة » (١).
٦ ـ المذاهب العامّيّة :
انحصر وجود المذاهب العامّيّة بالريّ في مذهبين ، وهما : المذهب الحنفي ، والشافعي. وأمّا المذهب المالكي فقد كان امتداده في المغرب الإسلامي بفضل تلامذة مالك بن أنس ، ولم يمتدّ إلى المشرق الإسلامي كثيراً ، وأمّا عن مذهب أحمد بن حنبل فهو أقلّ المذاهب الأربعة أتباعاً ، وآخرها نشأة ، ولم تكن له تلك القدرة العلميّة الكافية التي تسمح له بالامتداد خارج محيطه بغداد في عصر نشأته ، سيّما وأنّ أحمد بن حنبل لم يكن فقيهاً ، بل كان محدّثاً ؛ ولهذا أهمله الطبري ـ المعاصر لثقة الإسلام الكليني ـ في كتابه الشهير اختلاف الفقهاء ، الأمر الذي يفسّر لنا عدم امتداد فكر أتباعه في عصر الكليني إلى الريّ على الرغم من وقوف السلطة العبّاسيّة إلى جانب الحنابلة بكلّ قوة.
ومهما يكن فإنّ أغلب أهل الريّ كانوا من الحنفيّة والشافعيّة ، وأكثرهم من الأحناف ، كما صرّح به الحموي (٢). ثمّ انحسر الوجود العامّي في الريّ بعد سنة ( ٢٧٥ ه ).
ونتيجة لهذا الخليط الواسع في الريّ ، من نواصب وزيديّة ومعتزلة وجبريّةوأحناف وشافعيّة ، فقد ظهر الكذّابون والمتروكون في تلك البلاد ، كما كثر المنجّمون في تلك البلاد بصورة واسعة.
٧ ـ المذهب الشيعي :
إنّ اتّفاق جميع من كتب في المقالات والفرق على أسبقيّة التشيّع على سائر المذاهب والفرق التي نشأت في الإسلام ، لهو دليل كافٍ على صدق ما تدّعيه الشيعة من عراقة مذهبها ، وكونه المعبّر الواقعي عن مضمون رسالة الإسلام ، ومن هنا حمل التشيّع عناصر
__________________
(١) راجع : فرق النجاريّة وآراءهم في كتاب الفَرق بين الفِرَق ، ص ٢٢ و ٢٥ و ٢٠٧ و ٢٠٨ و ٢٠٩ ؛ والملل والنحل ، ج ١ ، ص ٩٨ و ٩٩.
(٢) معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ١١٧ و ١٢١.