[٨٧] (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي جمعا ينتهي للاجتماع في يوم المعاد (لا رَيْبَ فِيهِ) أي في الحشر (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) فكلامه بجمعكم كلام صادق.
[٨٨] (فَما لَكُمْ) أيها المؤمنون (فِي) شأن (الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) أي أصبحتم فرقتين فرقة تقول بأنهم معذورون في تركهم القتال وفرقة تقول بأنهم مقصّرون (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ) ردّهم (بِما كَسَبُوا) من ترك الحرب ، فإنه تعالى أظهر كفرهم بذلك ، فاللازم أن تقولوا كلكم بأنهم آثمون غير معذورين (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا) أن تحكموا بهداية (مَنْ أَضَلَّ اللهُ) بأن تركهم وشأنهم حتى ضلوا (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) إلى الخير.
[٨٩] (وَدُّوا) تمنوا وأحبوا هؤلاء المنافقون (لَوْ تَكْفُرُونَ) أيها المؤمنون (كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) في الكفر (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) لا تصادقوهم (حَتَّى يُهاجِرُوا) يخرجوا من دار الشرك (فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا عن الهجرة (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا) خليلا (وَلا نَصِيراً) فإنهم لا ينصرونكم ، نزلت في جماعة أظهروا الإسلام ثم رجعوا إلى مكة نفاقا فاختلف المسلمون في إيمانهم وكفرهم.
[٩٠] (إِلَّا) استثناء من (خذوهم) (الَّذِينَ يَصِلُونَ) بالمعاهدة (إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ) أي بين ذلك القوم (مِيثاقٌ) أي معاهدة ، فإن انضمام هذا المنافق إلى المعاهد يوجب الكف عن قتاله (أَوْ جاؤُكُمْ) عطف على (يصلون) في حال كونهم قد (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي ضاقت أنفسهم (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) فلا يريدون قتالكم ولا قتال قومهم الكفار ولذا تجنّبوا الانضمام معكم (وَلَوْ شاءَ اللهُ) بتقوية قلوب هؤلاء الذين انضموا إلى قبيلة معاهدة أو حصرت صدورهم (لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) أيها المسلمون ولو فعل الله ذلك (فَلَقاتَلُوكُمْ) ولعل في هذه الجملة إشارة إلى قوة هؤلاء فينبغي اجتناب قتالهم (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) أي تنحوا عنكم (فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي سالموكم (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فلا يحق لكم قتالهم.
[٩١] (سَتَجِدُونَ) أيها المسلمون قوما (آخَرِينَ) من المنافقين (يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) أي يأمنوا جانبكم وجانب قومهم الكفار (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) الشرك (أُرْكِسُوا فِيها) أي سقطوا فيها بأن كفروا ، وهم قوم جاءوا إلى المدينة فأظهروا الإسلام ، ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الكفر (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) أي لم يتنحوا عن محاربتكم (وَ) لم (يُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) الاستسلام (وَ) لم (يَكُفُّوا) يمنعوا (أَيْدِيَهُمْ) بأن صاروا بصدد محاربتكم (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أي وجدتموهم (وَأُولئِكُمْ) أي أولئك المنافقون ، و(كم) خطاب (جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) حجة (مُبِيناً) واضحة ، لقتلكم إياهم ، لأنهم أظهروا عداوتهم.