[٩٥] (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) عن الجهاد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) أما من له ضرر كالعمى والزمانة ، فليس مكلف بالجهاد ، حتى يؤنّب بتركه (وَالْمُجاهِدُونَ) عطف على (القاعدون) (فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) أي درجة كبيرة (وَكُلًّا) أي كل واحد من المجاهد والقاعد ، الذي لم يكن قعوده مخالفة (وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) أي الصفة الحسنة ، لأن كل واحد منهما مسلم قد عمل بشرائط الإسلام (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً).
[٩٦] (دَرَجاتٍ) بدل (أجرا) (مِنْهُ) أي من الله (وَمَغْفِرَةً) أي غفرانا لذنوبهم (وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
[٩٧] (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ) أي أماتهم (الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) أي في حال كونهم ظلموا أنفسهم بترك أوامر الله ، وترك الهجرة (قالُوا) أي الملائكة لهم (فِيمَ) أي في ماذا من أمر دينكم (كُنْتُمْ) وهذا استفهام توبيخ (قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ) عاجزين عن إقامة الدين (فِي الْأَرْضِ قالُوا) أي الملائكة لهم (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) بأن تخرجوا إلى أرض أخرى تتمكنوا من إقامة الدين فيها كما فعل المهاجرون إلى الحبشة والى المدينة المنورة (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ) مرجعهم (جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) أي محلا ومنزلا.
[٩٨] (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) حقيقة (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) العبيد أو الأولاد الذين بلغوا الرشد ، لكن يطلق عليهم الولد (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) أي لا يجدون أسباب الهجرة (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) أي لا يعرفون طريقا.
[٩٩] (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ) لعل (أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) لأنهم قاصرون ، وفي هذا دلالة على أن قصورهم مشوب بالتقصير أيضا (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً).
[١٠٠] (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ) بأن يترك وطنه إلى محل آخر (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً) متحولا ، أي محل التحول والتقلّب ، وأصله من الرغام بمعنى التراب (كَثِيراً وَسَعَةً) توسعة في الحركة والرزق (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ) يقصد إقامة أحكام الله (وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) في الطريق (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ) ثواب عمله (عَلَى اللهِ) أي لا يذهب تعبه باطلا (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
[١٠١] (وَإِذا ضَرَبْتُمْ) أي سافرتم (فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) أي حرج (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) بأن تصلوا الظهر والعصر والعشاء ركعتين فقط (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي يصيبوكم بفتنة في الدين أو في المال ، وهذا شرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت ، ولذا ليس له مفهوم ، مثل (وربائبكم اللاتي في حجوركم) (١) ، بل القصر مشروع في كل سفر (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) أي ظاهرا.
__________________
(١) سورة النساء : ٢٣.