[٢٤] (قالُوا) أي اليهود (يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) أي ما دام الجبارون في الأرض المقدسة (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) فإذا رجعت ظافرا دخلناها.
[٢٥] (قالَ) موسى عليهالسلام (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) فأنا أملك التصرف في هذين فقط ، أما القوم فلا يطيعوني (فَافْرُقْ) افصل يا رب (بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) أي اليهود.
[٢٦] (قالَ) الله (فَإِنَّها) أي الأرض المقدسة (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) دخولها (أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ) أي يتحيرون (فِي الْأَرْضِ) بلا مأوى ولا بلد يجمعهم (فَلا تَأْسَ) لا تحزن (عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) أي على تيههم ، والتيه إما كان إعجازا ، أو بمعنى أنهم بقوا بلا مأوى في هذه المدة ولذا بقوا في الصحراء كالبدو.
[٢٧] (وَاتْلُ) أي اقرأ يا رسول الله (عَلَيْهِمْ) أي على اليهود (نَبَأَ) أي خبر (ابْنَيْ آدَمَ) قابيل وهابيل ، فإن حال اليهود في الفساد كحال قابيل (بِالْحَقِ) أي النبأ الصدق الذي ليس بكذب (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) لله تعالى ، والقربان ما يهدى إلى الله تعالى (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) هابيل حيث قدم خير غنمه فجاءت نار فاحترقت وهو علامة القبول (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) قابيل إذ قرب أردى زرعه (قالَ) قابيل (لَأَقْتُلَنَّكَ) يا هابيل ، حسدا عليه (قالَ) هابيل (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) أي إني لا ذنب لي في عدم قبول قربانك ، وإنما لم يقبل منك لأنك لست بأهل للتقوى.
[٢٨] (لَئِنْ بَسَطْتَ) أي مددت يا قابيل (إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) ولذا لا أقصد قتلك ، ولعل في شريعة آدم عليهالسلام لم يجز الدفاع عن النفس إذا أراد المجرم القتل أو لم يجب ذلك.
[٢٩] (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ) ترجع يا قابيل (بِإِثْمِي) أي إثم قتلي (وَإِثْمِكَ) الذي كان لك قبل أن تقتلني (فَتَكُونَ) بهذه الآثام (مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) الملازمين لها (وَذلِكَ) العقاب (جَزاءُ الظَّالِمِينَ).
[٣٠] (فَطَوَّعَتْ) أي سهّلت (لَهُ) لقابيل (نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) هابيل (فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) خسر دنياه وآخرته.
[٣١] (فَبَعَثَ) أي أرسل (اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) أي يحفر ، كمن يبحث عن شيء ، وذلك إن قابيل لم يدر كيف يصنع بجثة أخيه (لِيُرِيَهُ) أي يري الغراب قابيل (كَيْفَ يُوارِي) يستر (سَوْأَةَ أَخِيهِ) أي جسد هابيل ، وعبّر بالسوءة لان الميت يتعفّن بالبقاء (قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ) قابيل (مِنَ النَّادِمِينَ) عن قتل أخيه.