[٤٥] (فَقُطِعَ) استؤصل (دابِرُ) آخر ، أي أهلكوا إلى آخرهم (الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على هلاكهم.
[٤٦] (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) أصمكم وأعماكم (وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) بأن أزال عقولكم ، أو طبعها بطابع القسوة والبلاهة (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) أي بأحد هذه الثلاثة ، وهذا استفهام إنكار ، أي لا إله إلا الله ليرد عليكم هذه النعم الجسام (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) نبينها (ثُمَّ هُمْ) الكفار (يَصْدِفُونَ) يعرضون عنها.
[٤٧] (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) اخبروني (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً) من غير مقدمة ، فجأة (أَوْ جَهْرَةً) تسبقه أمارته ، أو ليلا أو نهارا (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) فإن الهلاك ـ والمراد به الهلاك السيئ ـ إنما هو للظالمين ، أما غيرهم فإذا مات كان إلى النعيم.
[٤٨] (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ) ما يجب إصلاحه من نفسه ومجتمعه (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) خوفا واقعيا بخسران الدنيا والآخرة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) بفوت الثواب.
[٤٩] (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أدلتنا (يَمَسُّهُمُ) يصل إليهم (الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي بسبب فسقهم وخروجهم عن طاعة الله.
[٥٠] (قُلْ) يا رسول الله ، للذين يريدون منك أعمالا خارقة عن طوق البشر (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) مقدراته أو أرزاقه حتى آتي بكل ما تريدون (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) الذي غاب عن الحواس ، إلا بمقدار يريده الله (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) آتي بأعمال الملك ، بل أنا بشر (إِنْ) ما (أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) فما أفعل إلا كما يريد الله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى) الذي لا يعلم وهو غير مهتد (وَالْبَصِيرُ) فالمؤمن بصير والكافر أعمى (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) لتهتدوا إلى الدين.
[٥١] (وَأَنْذِرْ) يا رسول الله (بِهِ) أي بالذي يوحى إليك (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي من يخاف البعث مؤمنا كان أو كافرا ، فإن احتمال الحشر كاف في تحريك الإنسان للهداية (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌ) يلي أمرهم (وَلا شَفِيعٌ) يشفع لهم عند الله (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي لكي يتقون الكفر والآثام.
[٥٢] (وَلا تَطْرُدِ) أي لا تبعّد يا رسول الله (الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ) الصباح (وَالْعَشِيِ) العصر (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي مخلصين في عبادتهم فقد طلب كبار المشركين من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يطرد فقراء المؤمنين ليأتي المشركون إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يفاوضونه ترفعا منهم عن الفقراء المسلمين ، فنزلت الآية (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) حتى تطردهم خوفا من أن يلصق بك سوء أعمالهم (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فإن كل إنسان محاسب بما عمل ، والجملتان بمعنى : (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (١) (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ) بطردهم (مِنَ الظَّالِمِينَ) لأنه لا يجوز طرد المسلم.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٦٤.