[٥٣] (وَكَذلِكَ) أي هكذا كابتلاء هؤلاء الفقراء والأغنياء (فَتَنَّا) ابتلينا (بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) كل طائفة بطائفة أخرى (لِيَقُولُوا) الأغنياء ، واللام للعاقبة (أَهؤُلاءِ) الفقراء ، والاستفهام للإنكار (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ) بالخير (مِنْ بَيْنِنا) نحن الأغنياء ، فشملهم الخير دوننا نحن الرؤساء والأشراف (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) هذا جواب لهم بأن الله أعلم بالشاكر فيوفقه ، والفقراء حيث شكروا وفّقوا ، دونكم أنتم.
[٥٤] (وَإِذا جاءَكَ) يا رسول الله (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) القرآن وسائر الآيات (فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أنتم في سلام (كَتَبَ) أوجب (رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ) أي بغفلة ، فإن السوء لا يرتكبه العاقل إلا عن جهل (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) بعد عمل السوء (وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فأنتم منّ الله عليكم أولا بالإيمان ، وثانيا بالغفران.
[٥٥] (وَكَذلِكَ) أي هكذا (نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبينها تفصيلا بلا غموض (وَلِتَسْتَبِينَ) أي ولتستوضح وتعرف بوضوح (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) فتعرف المجرم من غيره لتعامل كلا حسب ما ينبغي.
[٥٦] (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ) نهاني الله (أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ) تعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ) أي الأصنام ونحوها (قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) في عبادة غير الله (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) إذا تبعت أهواءكم (وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) والجملتان للتأكيد.
[٥٧] (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ) حجة واضحة (مِنْ رَبِّي) أي إن الحجة أتتني من الله (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) أي بالقرآن الذي هو البينة (ما) أي ليس (عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب ، لأنهم كانوا يقولون : عجّل عذابنا يا محمد إن كنا على باطل (إِنِ) بمعنى (ما) (الْحُكْمُ) في عذابكم (إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَ) أي يبين القصص الحق لهدايتكم (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) الذي يفصل بين الحق والباطل ، أو القاضين.
[٥٨] (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي) في قدرتي وتحت إرادتي (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ما تطلبون عجلته من العذاب (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فإني حينئذ أنزلت العذاب واسترحت منكم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) فينزل عليهم العذاب وقت استحقاقهم.
[٥٩] (وَعِنْدَهُ) تعالى (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) ما يتوصل به إلى المغيبات ، مثل نجاة السجين مغيبة فلا يعلم بما ذا ينجى لكن الله يعلم ذلك ، وبيده مفتاحه (لا يَعْلَمُها) تلك المفاتح (إِلَّا هُوَ) الله فيعلم أوقاتها والحكمة في تعجيلها وتأخيرها (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) من الشيء الظاهر والخفي (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) عن شجرة (إِلَّا يَعْلَمُها) تلك الورقة بشئونها كلها (وَلا حَبَّةٍ) كالحنطة والذرة (فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) مخفية في بطنها (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ) هو علمه سبحانه أو اللوح المحفوظ (مُبِينٍ) ظاهر لديه سبحانه.