[٧٠] (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) ما هي صفاتها الأخرى غير السن واللون (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) إذ البقر بهذا السن وهذا اللون كثير (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) نريد اتباع الأمر لا أننا نسأل لمجرد العلم والمجادلة.
[٧١] (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) أي لا تكون عاملة في إثارة الأرض للزراعة ، وهذا تفسير لذلول (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) أي ليست تسقي لأجل الزرع (مُسَلَّمَةٌ) سلمها الله من العيوب لا عيب فيها (لا شِيَةَ فِيها) لا لون فيها يخالف لونها (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) الواضح (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وذلك لأن ثمنها كان كثيرا جدا ، حتى قالوا إنه كان ملء جلد ثور ذهبا.
[٧٢] (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ) أي تدافعتم في قتل النفس بأن قال كل واحد : أنا لم أقتله وإنما قتله غيري (فِيها) أي في تلك النفس ، وانه من قتلها (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) أي ما أخفيتموه من القاتل ، فإن الله يظهره بسبب ذبح البقرة.
[٧٣] (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ) أي القتيل (بِبَعْضِها) أي ببعض تلك البقرة (كَذلِكَ) أي كما أحيى الله هذا القتيل (يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) في يوم القيامة (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) أي دلائله على كامل قدرته (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
[٧٤] (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) بينما كان مقتضى القاعدة أن ترق وتلين حيث شاهدت آيات الله تعالى (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) بعد رؤية الآيات ، أو إحياء القتيل (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) كالحديد وما أشبه ، في عدم تقبل النصيحة والوعظ (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما) أي لحجارة (يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) فإن قسما من الأنهار تتفجر من الحجارات (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ) أي يتشقق (فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) القليل ، فبعض الحجارات يخرج منها الماء الكثير ، وبعضها يخرج منها الماء القليل ، أما قلوب هؤلاء فلا يخرج منها خير أصلا ، لأنها قاسية (وَإِنَّ مِنْها) أي من الحجارة (لَما يَهْبِطُ) لحجارة ينزل من أعالي الجبل (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) إما خشية واقعية أو خشية تكوينية ، ولكن قلوب اليهود لا تهبط من خشية الله ، إذ هي كالحجارة أو أشد قسوة (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) من الأعمال السيئة : الكفر والعصيان.
[٧٥] (أَفَتَطْمَعُونَ) أيها المؤمنون (أَنْ يُؤْمِنُوا) هؤلاء اليهود (لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) طائفة من أسلاف هؤلاء ، وحيث إن الطبيعة واحدة ، فما هي حالة الأسلاف تكون حالة الأخلاف عادة (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) التوراة (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) يغيرونه فيجعلون الحلال حراما والحرام حلالا (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) أي فهموه (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم يحرفونه.
[٧٦] (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا) قسم من اليهود كانوا منافقين فإذا لقوا أي رأوا المؤمنين أظهروا الإيمان و (قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) في مكان خلوة ليس فيها مؤمن حقيقي (قالُوا) أي قال بعضهم الذين لم ينافقوا (أَتُحَدِّثُونَهُمْ) أي لما ذا أيها اليهود المنافقون تحكمون للمسلمين (بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) أي بما بين الله لكم من نعت محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) أي ليكون للمؤمنين حجة عليكم عند الله ، فإن المؤمنين في يوم القيامة يقولون لله : يا رب هؤلاء كانوا يعلمون صفات محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنهم اعترفوا بها أمامنا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أيها اليهود فتعترفون أمام المسلمين.