[٣١] (فَلَمَّا سَمِعَتْ) زليخا (بِمَكْرِهِنَ) باغتيابهن ، وسمي ذلك مكرا ، أنّهن اتخذن هذا الطريق وسيلة لرؤية يوسف عليهالسلام (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ) هيأت (لَهُنَّ مُتَّكَأً) وسائد يتكئن عليها (وَآتَتْ) أعطت (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً) لأجل تقشير الفاكهة التي هيأتها لهن (وَقالَتِ) زليخا ليوسف عليهالسلام (اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) ليرينّك (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) عظّمن جماله (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) بالسكين عوض الفاكهة ، لأنهن فقدن الشعور (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) تنزيها له عن المثيل ، لأن الإنسان إذا رأى شيئا عجيبا تذكّر الله فنزهه حمدا لما أبدع ما هذا الغلام (بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ) من الملائكة (كَرِيمٌ) ذو كرامة على الله حتى خلقه بهذا الجمال.
[٣٢] (قالَتْ) زليخا : (فَذلِكُنَ) أي هذا الفتى ، و(كنّ) خطاب لهنّ ، هو (الَّذِي لُمْتُنَّنِي) من الملائكة (فِيهِ) في حبه (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) طلبت منه المواقعة (فَاسْتَعْصَمَ) فامتنع (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ) به (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) الأذلاء.
[٣٣] (قالَ) يوسف عليهالسلام : يا (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فإن سائر النساء طمعن فيه أيضا (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) بأن لم تخلصني منهن بالعصمة والحفظ (أَصْبُ) أميل (إِلَيْهِنَ) ميل الشهوة (وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) العصاة فإن العاصي جاهل.
[٣٤] (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ) دعاءه (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لدعائه (الْعَلِيمُ) بحاله.
[٣٥] (ثُمَّ بَدا لَهُمْ) ظهر للملك وصحبه (مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) الدلائل الدالة على براءة يوسف عليهالسلام (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) إلى مدة ، قطعا لألسنة الناس.
[٣٦] (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ) مع يوسف عليهالسلام (فَتَيانِ) شخصان آخران (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي) أرى نفسي في المنام (أَعْصِرُ خَمْراً) أي أصنع خمرا (وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) يأتي الطير ويأكل من الخبز الذي فوق رأسي (نَبِّئْنا) أخبرنا يوسف عليهالسلام (بِتَأْوِيلِهِ) بتعبير الرؤيا (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) لتعبير الرؤيا ، أو لأهل السجن.
[٣٧] (قالَ) يوسف عليهالسلام : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) أي أخبركم بتأويل رؤياكم (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) قبل أن يؤتى لكم بالطعام (ذلِكُما) أي التأويل ، و(كما) خطاب (مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) بالوحي (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ) طريقة (قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) وقد قال يوسف عليهالسلام هذا الكلام تمهيدا لدعوة أهل السجن إلى الإيمان.