[٦٤] (قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) يوسف عليهالسلام (مِنْ قَبْلُ) وقد قلتم إنا له لحافظون فلم تفوا ، فلا آمنكم عليه (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) من حفظكم (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
[٦٥] (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ) أوعية طعامهم (وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ) ثمن الطعام (رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي) أي شيء نطلب من إحسان الملك زيادة على هذا حيث رد الثمن إلينا (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَ) إذا أرسلت بنيامين معنا (نَمِيرُ أَهْلَنا) أي نجلب إليهم الميرة وهي الطعام (وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) لأنه كان يعطي لكل إنسان مقدار حمل بعير (ذلِكَ) الذي جئنا به (كَيْلٌ يَسِيرٌ) قليل لا يكفينا فإذا جاء الأخ زادنا كيلا.
[٦٦] (قالَ) يعقوب عليهالسلام : (لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ) تعطوني (مَوْثِقاً) عهدا (مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) بأن ترجعوا بنيامين إليّ (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) تغلبوا حتى لا تقدروا على إرجاعه بدون اختياركم (فَلَمَّا آتَوْهُ) أعطى الأخوة أباهم (مَوْثِقَهُمْ) عهدهم (قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) شاهد مطلع.
[٦٧] (وَقالَ) يعقوب عليهالسلام : (يا بَنِيَ) يا أولادي (لا تَدْخُلُوا) مصر (مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) حتى لا يصيبكم الناس بالعين (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) فإني لا أتمكن من رد قضاء الله إذا شاء شيئا ، وإنما على المرء التدبير في أمره (إِنِ) ما (الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فهو قادر على أن يحفظكم (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) يفوضوا أمرهم إليه.
[٦٨] (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) من أبواب مختلفة (ما كانَ يُغْنِي) ما كان يفيد رأي يعقوب عليهالسلام (عَنْهُمْ) عن الأولاد (مِنْ) قضاء (اللهِ مِنْ شَيْءٍ) فإن حكم الله كان جاريا فيهم ، كما قال يعقوب ، ولذا بقي بنيامين في مصر حيث أراد الله ذلك (إِلَّا) لكن (حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) شفقة في نفس يعقوب عليهالسلام عليهم أظهرها لهم (وَإِنَّهُ) يعقوب عليهالسلام (لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ) لتعليمنا إياه ، ولذا قال (وما أغني ...) (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن القدر يجري ولا ينفع عنه الحذر.
[٦٩] (وَلَمَّا دَخَلُوا) الأخوة (عَلى يُوسُفَ آوى) ضم يوسف عليهالسلام (إِلَيْهِ) إلى نفسه (أَخاهُ) بنيامين (قالَ) يوسف عليهالسلام له : (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) من الأبوين (فَلا تَبْتَئِسْ) لا تحزن (بِما كانُوا) الأخوة (يَعْمَلُونَ) في حقنا حيث اتهموا بنيامين بالسرقة وألقوا يوسف عليهالسلام في الجب.