[٨] (عَسى) لعل (رَبُّكُمْ) يا بني إسرائيل (أَنْ يَرْحَمَكُمْ) بعد المرة الثانية إن تبتم (وَإِنْ عُدْتُمْ) إلى الفساد (عُدْنا) إلى عقوبتكم (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) سجنا ومحبسا.
[٩] (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي) للطريقة التي (هِيَ أَقْوَمُ) أشد الطرق استقامة (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) عظيما.
[١٠] (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا) هيّأنا (لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) مؤلما.
[١١] (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) يدعو عند غضبه بالشر على نفسه وأهله (دُعاءَهُ) مثل دعائه (بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) يسارع إلى ما يخطر بباله ولا ينظر إلى عاقبة دعائه.
[١٢] (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) تدلان على الله (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) أي الآية التي هي الليل فمحونا نورها بالظلام (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) مضيئة (لِتَبْتَغُوا) لتطلبوا في النهار (فَضْلاً) رزقا ومعاشا بالتجارة (مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا) باختلافهما (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) لتعلموا الحساب للأوقات (وَكُلَّ شَيْءٍ) يحتاج إليه الإنسان في أمور دينه ودنياه (فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) شرحناه شرحا وافيا.
[١٣] (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) عمله ، فإنّه كالطائر يصعد إلى فوق (فِي عُنُقِهِ) كالطوق الملازم للإنسان (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً) صحيفة عمله (يَلْقاهُ مَنْشُوراً) مفتوحا أمامه.
[١٤] ويقال له : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) فأنت تحاسب نفسك من كتابك الذي تقرأه.
[١٥] (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) ففائدة هدايته لنفسه (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ضرره يعود إلى نفسه (وَلا تَزِرُ) لا تحمل نفس (وازِرَةٌ) حاملة للعصيان (وِزْرَ أُخْرى) نفس أخرى ، فذنب كل إنسان على نفسه (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) فنلزمهم الحجة.
[١٦] (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) لأنهم خالفوا الأوامر العقليّة بالفساد والظلم ، لم نهلكهم قبل إتمام الحجّة ببعث الرسول ، بل (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) أصحاب النعمة فيها ، أمرناهم بأوامرنا (فَفَسَقُوا فِيها) خالفوا أوامرنا في تلك القرية ، كما يقال أمرته فعصاني وإنما خص المترفين بالذكر ، لترتيب العصيان عليهم فإنهم رؤوس العصاة (فَحَقَ) ثبت (عَلَيْهَا) على تلك القرية (الْقَوْلُ) لعقابها بعد مخالفتها أوامر الله (فَدَمَّرْناها) أهلكناها (تَدْمِيراً) إهلاكا.
[١٧] (وَكَمْ) للتكثير (أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ) الأمم (مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) كفى ربك عالما مبصرا لذنوب الناس فيجازيهم عليها.