[٨٧] (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) فإن إبقاء القرآن مع كفران الناس له ليس إلا من رحمة الله تعالى (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) بإرسالك وإنزال القرآن إليك وإبقائه.
[٨٨] (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) في فصاحته وبلاغته (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) معينا.
[٨٩] (وَلَقَدْ صَرَّفْنا) بيّنا وكرّرنا (لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) ليعتبروا به (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) جحودا وإنكارا وعدم اهتداء القرآن.
[٩٠] (وَقالُوا) عنادا واقتراحا ، بعد إتمام الحجة عليهم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (حَتَّى تَفْجُرَ) تظهر (لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) عينا من الماء.
[٩١] (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) بستان (مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ) تظهر (الْأَنْهارَ خِلالَها) في أواسط البستان (تَفْجِيراً) بالإعجاز.
[٩٢] (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ) إشارة إلى قوله تعالى : (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) (١) (عَلَيْنا كِسَفاً) قطعا ، قطعة إثر قطعة (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) مقابلا نعاينهم.
[٩٣] (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) بأن نراك وأنت تصعد نحو العلو (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) لصعودك وحده (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً) بيدك (نَقْرَؤُهُ) فيه تصديق أنك رسول (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي) أنزهه تنزيها ، وفيه معنى التعجب (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) كسائر الناس (رَسُولاً) كسائر الرسل ، وهل البشر يقدر على ذلك ، أو هل الرسل أتوا بمقترحات أقوامهم ، إنما على الرسول البلاغ المؤيّد بالمعجز.
[٩٤] (وَما مَنَعَ) لم يمنع (النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) من الإيمان (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) حين جاءتهم الهداية والحجة من الله (إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) إلا إنكارهم أن يكون الرسول بشرا ، لزعمهم أن الرسول لا بد وأن يكون ملكا.
[٩٥] (قُلْ) في جواب شبهتهم : (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) كما يمشي ابن آدم (مُطْمَئِنِّينَ) ساكنين فيها (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) إذ لا بد من تجانس الرسول والمرسل إليه ليمكنهم إدراكه ، وليكون قدوة في حركاته وسكناته.
[٩٦] (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أنه يشهد لي بالرسالة بما أجراه على يدي من المعاجز (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً) بأحوالهم (بَصِيراً) يرى حركاتهم وسكناتهم.
__________________
(١) سورة سبأ : ٩.