[٥] (ما لَهُمْ بِهِ) بالولد (مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ) الذين كانوا يقولون هذا القول (كَبُرَتْ) عظمت مقالتهم هذه في حال كونها (كَلِمَةً) متصفة بأنها (تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) فهي مجرد قول يقال لا أصل له (إِنْ) ما (يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً).
[٦] (فَلَعَلَّكَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (باخِعٌ) هالك (نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) في أثر إعراضهم (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) القرآن (أَسَفاً) على عدم إيمانهم ، والأسف المبالغة في الحزن.
[٧] (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ) من الحيوان والنبات والشجر والمعادن وغيرها (زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ) نختبرهم (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فمن زهد عن زينة الدنيا ورغب في الآخرة فهو الأحسن عملا.
[٨] (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ) نجعل (ما عَلَيْها) على الأرض (صَعِيداً) أرضا مستوية (جُرُزاً) لا نبات فيها.
[٩] (أَمْ) بل (حَسِبْتَ) ظننت (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) غار في جبل ، فقد كانوا جماعة هربوا من ملكهم الكافر ، تحفظا على إيمانهم ، والتجأوا إلى الكهف فأبقاهم الله أحياء ثلاثمائة سنة أو أكثر (وَالرَّقِيمِ) هو لوح رقم وكتب فيه تفصيل قصتهم ووضع في الجبل (كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) أي ما كانوا عجبا بالنسبة إلى قدرة الله تعالى.
[١٠] (إِذْ أَوَى) التجأ (الْفِتْيَةُ) الشباب (إِلَى الْكَهْفِ) غار الجبل (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) ارحمنا (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) لنكون راشدين (١).
[١١] (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) كناية عن إنامتهم ، فإن النائم تسد أذنه عن السماع (فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) ذوات عدد.
[١٢] (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أيقظناهم (لِنَعْلَمَ) ليقع ما علمناه قديما ، في الخارج (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) المؤمنين والكافرين (أَحْصى) ضبط ، من باب الإفعال (لِما لَبِثُوا) في الكهف (أَمَداً) أي ضبط مدة لبثهم ، فقد اختلفوا فقال الكافرين المنكرون للبعث : ناموا قليلا وقال المؤمنين : ناموا طويلا ، فالإيقاظ كان لأجل إثبات البعث بعد تبين صحة قول المؤمنين.
[١٣] (نَحْنُ نَقُصُ) نذكر قصتهم (عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ) خبرهم (بِالْحَقِ) المطابق للواقع (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) جمع فتى وهو الشاب (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) بأن ثبتناهم على طريقتهم.
[١٤] (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) قويناها بما أريناهم من الآيات (إِذْ قامُوا) نهضوا لأجل التحفظ على دينهم (فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) فليس دقيانوس الملك إلها كما يزعم (لَقَدْ قُلْنا إِذاً) إذ عبدنا غير الله (شَطَطاً) قولا ذا شطط ، أي ذا بعد مفرط عن الحق.
[١٥] (هؤُلاءِ قَوْمُنَا) عطف بيان (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) دون الله (آلِهَةً لَوْ لا) هلا (يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ) على عبادتهم (بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) حجة ظاهرة (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بنسبة الشريك له.
__________________
(١) الرشد : نقيض الغي ، لسان العرب.