[١٤٦] (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ) أعطيناهم (الْكِتابَ) المراد جنس الكتب السماوية (يَعْرِفُونَهُ) أي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) فكما لا يشتبه الأب ولده كذلك هؤلاء لا يشتبهون في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ) وإلا فإن بعضهم اعترفوا بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (لَيَكْتُمُونَ) أي يخفون (الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الحق.
[١٤٧] (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي ما أوتيت يا رسول الله حق من ربك (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) أي الشاكين ، فلا تشك فيما آتيناك ، وهذا إرشاد للأمة وإن كان الخطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[١٤٨] (وَلِكُلٍ) أمة (وِجْهَةٌ) أي جهة (هُوَ) أي الله (مُوَلِّيها) أي أمر تلك الأمة بالتوجه إلى تلك الجهة ، وهذا جواب آخر عن إشكال أهل الكتاب ، فلا يصح اعتراضهم على المسلمين ، إذ لكل أمة قبلة ، فلكم أيها المسلمون أيضا قبلة ، (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) أي سابقوا في عمل الخير (أَيْنَ ما تَكُونُوا) من البلاد والصحاري (يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) أي يأت بكم للحساب ، فليس استباقكم يذهب سدى (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قادر على إحيائكم والإتيان بكم للحساب.
[١٤٩] (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) أي من أي بلد خرجت ، وهذه الآية تبين أن حال السفر كحال الحضر في التوجه إلى القبلة ، فإن الآية السابقة كانت للحضر (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
[١٥٠] (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) في بر أو بحر أو جو (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا) علة لتحويل القبلة وأنه لأجل قطع تعيير اليهود بأن المسلمين تابعون لقبلتهم (يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) أي احتجاج وتعيير (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) فإن الظالم المعاند يقول ما يشتهي ، ويقول لدى التحويل إن تحويل القبلة لأجل ميل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى دين قومه ، وإنما سمي حجة للمشابهة ، كقوله تعالى : (حجتهم داحضة) (فَلا تَخْشَوْهُمْ) لا تخشوا أيها المسلمون ، من أهل الكتاب ، فإن مطاعنهم لا تضركم (وَاخْشَوْنِي) في اتباع أوامري (وَلِأُتِمَ) علة أخرى لتحويل القبلة (نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) علة ثالثة ، فإن كون التحويل موافقا رغبة المسلمين يوجب اقترابهم إلى الهداية.
[١٥١] (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ) أي حولنا القبلة إلى قبلة جديدة كما أرسلنا إليكم رسولا جديدا هو محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (رَسُولاً مِنْكُمْ) لا من اليهود (يَتْلُوا) يقرأ (عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ) يطهركم من أدران العقيدة وموبقات الاجتماع (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ) القرآن (وَالْحِكْمَةَ) الشريعة (وَيُعَلِّمُكُمُ) تأكيد لما سبق (ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
[١٥٢] (فَاذْكُرُونِي) وإذ أنعمت عليكم فاذكروني بالطاعة (أَذْكُرْكُمْ) بإعطاء السعادة والثواب (وَاشْكُرُوا لِي) نعمي (وَلا تَكْفُرُونِ) بالعصيان وجحد النعم.
[١٥٣] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) بالنصر والثواب.