[٦٠] (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ) يعطون (ما آتَوْا) أعطوا من الأموال (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) خائفة أن لا يقبل منهم (أَنَّهُمْ) لأنهم يوقنون (إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) يرجعوهم إلى ربهم العالم بخفيّات نفوسهم فلا يقبل إنفاقهم لاحتمال رياء أو سمعة فيه.
[٦١] (أُولئِكَ) الذين جمعوا هذه الصفات هم الذين (يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها) لأجل تلك الخيرات (سابِقُونَ) إلى الجنة ، كما قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١).
[٦٢] (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ما تتمكن أن تأتي به في يسر (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ) بما عملوا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لا ينقص من ثوابهم كما لا يزيد في عقاب المسيئين.
[٦٣] (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ) غفلة (مِنْ هذا) الكتاب وهذا كناية عن عدم اعتنائهم بما يكتب عنهم لأنهم منكرون له (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) سيئة (مِنْ دُونِ ذلِكَ) سوى ذلك الكفر (هُمْ لَها) لتلك الأعمال السيئة (عامِلُونَ).
[٦٤] (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ) متنعميهم (٢) ، والنسبة إليهم مع أن العذاب شامل للجميع لأجل أنهم الرؤوس في الضلال والإضلال (بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) يضجون من شدة العذاب.
[٦٥] فيقال لهم : (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) فلا يفيدكم الجأر ف (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ).
[٦٦] (قَدْ كانَتْ آياتِي) القرآن (تُتْلى عَلَيْكُمْ) أيها الكافرون (فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) ترجعون القهقرى أي تكفرون.
[٦٧ ـ ٦٨] (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) مكذبين بالقرآن (سامِراً) أي تسمرون وتتحدثون بذكر القرآن والطعن فيه (تَهْجُرُونَ) تقولون كلاما هجرا وهذيانا. (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) يتدبروا القرآن ، والاستفهام للإنكار (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) فكيف يكفرون بالقرآن والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والحال أنه قد جاء آباءهم رسل وكتب.
[٦٩] (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ) بالصدق والأمانة وكمال العقل فلذا هم له للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (مُنْكِرُونَ) نعم كل ذلك كان ، فقد تدبروا القرآن وعلموا إعجازه ، وقد جاء آباءهم رسل وكتب وعرفوا رسولهم ولكنهم معاندون.
[٧٠] (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) جنون (بَلْ) ليس شيء من ذلك وإنما (جاءَهُمْ) الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) لأنه مخالف لشهواتهم.
[٧١] (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) وميولهم (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) لأنهم يريدون أشياء وتغييرات في الكون توجب الفساد (بَلْ أَتَيْناهُمْ) أعطيناهم (بِذِكْرِهِمْ) بما فيه تذكير لهم (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ).
[٧٢] (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) أجرا على تبليغ الرسالة ولذا يفرون من الإيمان بك (فَخَراجُ) أجر (رَبِّكَ خَيْرٌ) من أجرهم ، فإن أجرك على الله (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فرزقك منه تعالى لا منهم.
[٧٣] (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فلا اعوجاج لطريقك حتى يكون فرارهم لأجل اعوجاج الطريق.
[٧٤] (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) لمنحرفون عنه.
__________________
(١) سورة الواقعة : ١٠ ـ ١١.
(٢) المترف : المتنعم المتوسع في ملذات الدنيا وشهواتها.