[٤٤] (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ) أكثر هؤلاء الكفار (يَسْمَعُونَ) الحق سماع تفهم (أَوْ يَعْقِلُونَ) يستعملون عقولهم ويتدبرون (أَنَ) ما (هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) إذ الأنعام إذا عرفت مصالحها اتبعته ، وهؤلاء يعرفون الحق ويعاندونه.
[٤٥] (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ) أي إلى قدرته تعالى (كَيْفَ مَدَّ) بسط (الظِّلَ) فإن للأشياء ظلا عند ظهور الشمس في السماء وهو نعمة كبيرة (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) لا يتحرك ، لكنه يضرّ بمصالح الناس (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ) على الظل (دَلِيلاً) إذ لو لا الشمس ما كان يعرف معنى للظل.
[٤٦] (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) أزلنا الظلّ بإيقاع شعاع الشمس مكانه (قَبْضاً يَسِيراً) قليلا قليلا.
[٤٧] (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً) ساترا بظلامه كما يستر اللباس (وَالنَّوْمَ سُباتاً) قاطعا للعمل لأجل الراحة (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) بعثا للناس من النوم.
[٤٨] (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً) مبشرات (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي المطر ، فإن الريح تبشر بالمطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) طاهرا مطهرا.
[٤٩] (لِنُحْيِيَ) بالنبات (بِهِ) بالمطر (بَلْدَةً) أرضا (مَيْتاً) والتذكير باعتبار البلد إذ التاء في بلدة لإفراد الجنس لا التأنيث (وَنُسْقِيَهُ) أي ولنسقي من ذلك الماء أنعاما وأناسا (مِمَّا خَلَقْنا) بعض خلقنا (أَنْعاماً) بدل (مما) (وَأَناسِيَ) جمع إنسان (كَثِيراً).
[٥٠] (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) أي المطر ، نقلناه من هنا إلى هناك (بَيْنَهُمْ) بين بلادهم (لِيَذَّكَّرُوا) ليتفكروا فيعرفوا كمال قدرة الله (فَأَبى) امتنع (أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) جحودا لنعم الله.
[٥١] (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) نبيا ينذر أهلها ، وخففنا عليك الدعوة ، لكن المصلحة أن تكون ـ يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نبيّا لكل البشر.
[٥٢] (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) بعد أن علمت الحق (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) بالقرآن (جِهاداً كَبِيراً) بكل قواك وإمكاناتك.
[٥٣] (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) جعلهما متلاصقين ، فإن المياه العذبة تحت الأرض والمياه المالحة في البحار متلاصقان ومع ذلك لا يختلط أحدهما بالآخر بسبب الحواجز الأرضية (هذا) أحد البحرين (عَذْبٌ) حلو (فُراتٌ) بالغ العذوبة (وَهذا مِلْحٌ) مالح (أُجاجٌ) شديد الملوحة (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) حاجزا من قدرته تعالى (وَحِجْراً مَحْجُوراً) أي حراما محرما أن يفسد المالح العذب.
[٥٤] (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ) النطفة (بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً) الأولاد الذكور للنسب (وَصِهْراً) البنات للصهر (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) حيث خلق من الماء الواحد رجالا ونساء.
[٥٥] (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) غير الله (ما) أي الأصنام (لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) يظاهر الشيطان ويعاونه على مخالفة أوامر الله.