[٤٤] (وَما كُنْتَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) من الجبل الذي كلم الله فيه موسى عليهالسلام (إِذْ) زمان (قَضَيْنا) أوحينا (إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) أمر الرسالة والشريعة (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) الحاضرين للوحي إليه.
[٤٥] (وَلكِنَّا) أوحينا إليك خبر موسى عليهالسلام لتذكير الناس إذ (أَنْشَأْنا) أوجدنا (قُرُوناً) أمما بعد موسى عليهالسلام (فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) مما سبب نسيانهم العبر ، فإن الإنسان إذا طال عمره اغتر أكثر فأكثر فلم يبال بالدين والأحكام فأرسلناك لتذكرهم ما نسوه (وَما كُنْتَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (ثاوِياً) مقيما (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) مدينة شعيب (تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) التي وقعت في مدين (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) لك فنتلو عليك قصة موسى عليهالسلام وقصة شعيب عليهالسلام وغيرهما. وهذا إعجاز يجب أن يرضخوا له.
[٤٦] (وَما كُنْتَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) موسى عليهالسلام بالتورية ، والأول يراد به عند نبوته عند ما ذهب إلى مصر ، والثاني عند ما خرج من مصر (وَلكِنْ) علمناك (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً) قريش وسائر القبائل (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) لأنهم لم يكونوا على شريعة بل طالت الفترة بين المسيح عليهالسلام ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يقارب خمسة قرون (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
[٤٧] (وَلَوْ لا) أن لهم العذر في عدم الإيمان لم نرسلك إليهم ، فإرسالك لأجل قطع عذرهم فلا يقولوا إذا عذبناهم : لما ذا تعذبنا يا رب بدون إرسال الرسول (أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من الكفر والمعاصي (فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا) هلا (أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لو لا هذا القول منهم حال عقابهم لم نرسلك لأنا نعلم عنادهم.
[٤٨] (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن (مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا) هلا (أُوتِيَ) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن أعطاه الله (مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) من اليد والعصا وغيرهما (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) فإن في جنس البشر الإشكال والمعاندة (قالُوا سِحْرانِ) ساحران (تَظاهَرا) تعاونا ، أي موسى وأخوه عليهالسلام (وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍ) من آياتك يا موسى (كافِرُونَ) فإنه لو لا العناد والكفر لكفى القرآن دليلا ، ومع العناد لا تنفع آيات كالعصا واليد.
[٤٩] (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى) أكثر هداية وإرشادا (مِنْهُما) من التوراة والقرآن حتى (أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في أن القرآن افتراء ، كما قال معاصرو موسى عليهالسلام بأن التوراة كلام موسى لا كلام الله.
[٥٠] (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) لم يجيبوك بإتيان كتاب هو أهدى من الكتابين (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) إذ لو كانوا يتبعون حجة لأتوك بها (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) استفهام إنكاري ، أي لا أحد أضل منه في حال كونه (بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) فلا هداية له من قبل الله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر عنادا.