[٢٠] (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ) ذلّل (لَكُمْ) لمنافعكم (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ) أتم بسعته (عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً) محسوسة (وَباطِنَةً) تعرف بآثارها (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) في توحيده وصفاته (بِغَيْرِ عِلْمٍ) فلا علم له بما يقول (وَلا هُدىً) دليل عقلي (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) واضح ذي نور ، أي دليل سمعي.
[٢١] (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) من العقائد والأحكام (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) يتبعون طريقة الآباء (أَوَلَوْ كانَ) موجبا للفساد بأن كان (الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) المستعر المشتعل.
[٢٢] (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ) ذاته (إِلَى اللهِ) بأن انقاد لأوامره (وَهُوَ مُحْسِنٌ) في أفعاله (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) تمسك (بِالْعُرْوَةِ) يد الكيزان (١) ، شبه بها الإسلام الموجب للسعادة (الْوُثْقى) مؤنث الأوثق ، فلا تنفصم (وَإِلَى اللهِ) إلى ثوابه وجزائه (عاقِبَةُ الْأُمُورِ).
[٢٣] (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) لأنه لا يضرك (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) رجوع الكفار (فَنُنَبِّئُهُمْ) نخبرهم لأجل أن نعاقبهم (بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما في الصدور ، و(ذات الصدور) أي بتلك الصدور.
[٢٤] (نُمَتِّعُهُمْ) نعطيهم أسباب التلذذ في الدنيا تمتيعا (قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) نلجئهم في الآخرة (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) شديد.
[٢٥] (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي المشركين (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) وحده (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) حيث اعترفوا بالحق ، فلما ذا يعبدون الأصنام (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الخلق إذا كان لله يجب أن تكون العبادة أيضا له.
[٢٦] (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن كل شيء (الْحَمِيدُ) المحمود في أفعاله.
[٢٧] (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ) بيان (ما) (أَقْلامٌ) خبر (أن) أي لو أن الأشجار الكائنة على الأرض كلها تتحول أقلاما (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) أي يعنيه (مِنْ بَعْدِهِ) بالإضافة إليه (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) من أمثال بحار الدنيا لتكون الكل مدادا وكتبت بتلك الأقلام والمياه كلمات الله حتى تنكسر الأقلام وتنفد المياه (ما نَفِدَتْ) ما تمت (كَلِماتُ اللهِ) مخلوقاته ، فإن كل مخلوق كلمة (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب في سلطانه (حَكِيمٌ) يضع الأشياء مواضعها.
[٢٨] (ما خَلْقُكُمْ) أيها الناس (وَلا بَعْثُكُمْ) بعد الموت (إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) كخلقها وبعثها ، إذ تتساوى نسبة الأشياء كلها إلى قدرة الله تعالى ، فلا فرق عند قدرته بين خلق بعوضة وبين خلق ملايين المجرات (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع كل شيء (بَصِيرٌ) يرى كل شيء فلا يشغله شيء عن شيء حتى يتفاوت عنده خلق واحد عن خلق كثير.
__________________
(١) مفردة : كوز.