[٨] (أَفْتَرى) أي هل افترى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) جنون يخيل له ذلك البعث (بَلِ) الأمر صدق وإنما (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) البعث والجزاء (فِي الْعَذابِ) في الآخرة (وَالضَّلالِ) في الدنيا (الْبَعِيدِ) عن الحقيقة.
[٩] (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي ما أحاط بهم من كل جوانبهم ، فيستدلوا بها على قدرته تعالى على كل شيء (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) فتبلعهم (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً) قطعا (١) (مِنَ السَّماءِ) فتهلكهم (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي يرونه (لَآيَةً) دلالة (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) راجع إلى ربه فإنه يعرف الآيات.
[١٠] (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً) على سائر الناس إذ قلنا (يا جِبالُ أَوِّبِي) ارجعي (مَعَهُ) بالتسبيح (وَالطَّيْرَ) فكان إذا سبح عليهالسلام سبحت معه الجبال والطيور (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) جعلناه لينا في يده كالشمع.
[١١] وأمرناه (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) دروعا تامات (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) في نسج الدرع حتى تتناسب حلقها ، من التقدير (وَاعْمَلُوا) يا داود عليهالسلام وأهلك (صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فأجازيكم عليه.
[١٢] (وَ) سخرنا (لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها) جريها في الصباح (شَهْرٌ) مقدار مسيرة سير الراكب شهرا (وَرَواحُها) أي جريها عصرا (شَهْرٌ وَأَسَلْنا) أجرينا (لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) النحاس المذاب ليعمل منه ما يشاء (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) كما يعمل الإنس (بِإِذْنِ رَبِّهِ) بأمره تعالى (وَمَنْ يَزِغْ) يعدل (مِنْهُمْ) من الجن (عَنْ أَمْرِنا) أي طاعة سليمان عليهالسلام الذي أمرنا الجن بطاعته (نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) أي المشتعل.
[١٣] (يَعْمَلُونَ) الجن (لَهُ) لسليمان عليهالسلام (ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ) أي المساجد أو القصور (وَتَماثِيلَ) المجسمات (وَجِفانٍ) جمع جفنة وهي القصعة التي يؤكل فيها (كَالْجَوابِ) جمع جابية وهي الحوض الكبير فكان يأكل في كل واحدة منها عدد كبير من الناس (وَقُدُورٍ) جمع قدر (راسِياتٍ) ثابتات على أثافيها لأجل الطبخ ، ثم قلنا لهم (اعْمَلُوا) يا (آلَ داوُدَ شُكْراً) وعمل الشكر عبارة عن الطاعة مقابل قول الشكر الذي هو التلفظ فقط (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) المجتهد في أداء الشكر.
[١٤] (فَلَمَّا قَضَيْنا) حكمنا (عَلَيْهِ) على سليمان عليهالسلام (الْمَوْتَ) بأن يموت (ما دَلَّهُمْ) أعلم الجن (عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) الأرضة (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) عصاه لأنه مات متكئا على عصاه وزعم الجن أنه واقف فاستمروا في أعمالهم حتى أكلت الأرضة عصاه فسقط (فَلَمَّا خَرَّ) سقط سليمان عليهالسلام (تَبَيَّنَتِ) علمت (الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) فإن الجن كان يزعم أنه يعلم الغيب فلما ظهر له أن سليمان عليهالسلام مات منذ زمان ولم يعلم بموته ، انقشع غروره وعلم أنه لو كان يعلم الغيب (ما لَبِثُوا) ما بقوا (فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) العمل الشاق الذي يهينهم ويذلهم.
__________________
(١) كسف : جمع كسفة وهي القطعة من الشيء.