[٢٢٥ ـ ٢٣٠] (لا يُؤاخِذُكُمُ) أي لا يعاقبكم (اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أي القسم الهذر الذي يجري على اللسان محورا للكلام بدون قصد الحلف ، كمن اعتاد أن يقول في كل كلام له : والله (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) بأن كان الحلف عن قصد ، ثم خالفتم الحلف ، كما لو حلف أن لا يفعل ثم فعل (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) لا يعجل بالعقوبة لمن حلف به كاذبا أو حنث حلفه. (لِلَّذِينَ) مبتدأ وخبره (تربص) (يُؤْلُونَ) الإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته أكثر من أربعة أشهر (مِنْ نِسائِهِمْ) أي يحلفون بقصد البعد من نسائهم (تَرَبُّصُ) أي انتظار (أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فلهم إلى أربعة أشهر حق عدم الوطي (فَإِنْ فاؤُ) أي رجعوا عن اليمين ، بأن وطئوا وأعطوا الكفارة (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (وَإِنْ عَزَمُوا) أي قصدوا (الطَّلاقَ) بأن يطلقوا المرأة قبل أربعة أشهر للخلاص منها فلا حنث ولا كفارة (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) أي ينتظرن ولا يبذلن أنفسهن للأزواج (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) أي ثلاثة أطهار ، فإذا طلقت في الطهر صبرت حتى تنقضي حيضتان ، وفي الطهر الثالث لها حق الزواج (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) أي لا يجوز لهن كتمان الحمل بقصد الزواج ، فإن الحامل إذا طلقت لا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد وضع الحمل (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) جوابه محذوف ، أي فلا يكتمن (وَبُعُولَتُهُنَ) أي أزواجهن الذين طلقهن (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) أي زمان التربص ، قبل انقضاء العدة ، أحق بأن يرجعوا إليهن ويعيدوا حالة الزوجية (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) بأن أراد الأزواج إصلاحا بإرجاع المطلقة ، لا إذا أرادوا الإضرار بها (وَلَهُنَ) أي للنساء من الحقوق على الرجال (مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) من حقوق الرجال ، فلكل من الزوجين حق على الآخر (بِالْمَعْرُوفِ) أي الحقوق التي هي معروفة لدى العقل والشرع ، لا الحقوق التي تقرها التقاليد والعادات (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) زيادة في الحق والفضل ، وذلك لأنه المدير لها ، واللازم أن يكون المدير ذا مزية حتى يتمكن بمزيته من إدارة المدار (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) فإن الطلاق الذي يحق فيه الرجوع مرتان ، أما الطلاق الثالث فلا يحق بعده الرجوع ، وبعد الطلاق الثاني (فَإِمْساكٌ) للزوجة وحفظ لها بالرجوع إليها (بِمَعْرُوفٍ) بأن لا يكون الرجوع بقصد الإضرار (أَوْ تَسْرِيحٌ) أن يتركها حتى تنقضي عدتها (بِإِحْسانٍ) بأداء حقوقها والإحسان إليها (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ) أيها الأزواج (أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَ) أعطيتموهن من المهور (شَيْئاً) فإنه لا يحق للزوج أخذ شيء من مهر المرأة (إِلَّا أَنْ يَخافا) أي الزوجان (أَلَّا يُقِيما) في حال بقائهما على قيد الزوجية (حُدُودَ اللهِ) أحكامه المرتبطة بالزوجين ، فإنه في هذا الحال جاز للمرأة أن تعطي مهرها لخلاص نفسها بالطلاق (فَإِنْ خِفْتُمْ) أيها الحكام المرتبطون بفصل قضايا الأزواج (أَلَّا يُقِيما) أي الزوجان (حُدُودَ اللهِ) أحكامه المرتبطة بالأزواج (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) لا على الزوج في الأخذ ولا على الزوجة في الإعطاء (فِيمَا) أي في المال الذي (افْتَدَتْ بِهِ) أي بذلته كفدية لخلاص نفسها (تِلْكَ) أي الأحكام المذكورة (حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) لا تخالفوها (وَمَنْ يَتَعَدَّ) يتجاوز (حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (فَإِنْ طَلَّقَها) إن طلقها بعد التطليقتين طلاقا ثالثا (فَلا تَحِلُ) الزوجة (لَهُ) لزوجها (مِنْ بَعْدُ) الطلاق الثالث (حَتَّى تَنْكِحَ) المرأة (زَوْجاً غَيْرَهُ) غير المطلق (فَإِنْ طَلَّقَها) الزوج الثاني (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) الزوج الأول والزوجة (أَنْ يَتَراجَعا) بنكاح جديد (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) بأن ظنا تمكنهما من القيام بالواجبات التي قررها الله للزوجين (وَتِلْكَ) الأحكام التي ذكرت (حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي لأهل العلم ، فإنهم هم المنتفعون بهذه الأحكام ، أما الجاهل العاصي فلا ينتفع بهذه الأحكام.