[٢٣] (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (فِي قَرْيَةٍ) بلد (مِنْ نَذِيرٍ) نبي أو قائم مقامه (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) الأغنياء ، وخصهم بالذكر لأنهم عادة يعارضون الأنبياء ابتداء (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) فأقوال هؤلاء مثل أقوال أولئك.
[٢٤] (قالَ) الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَ) تتبعون آباءكم (وَلَوْ جِئْتُكُمْ) بدين أهدى أكثر استقامة (مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) من الدين (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) وإن كان أهدى.
[٢٥] (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بإنزال العذاب (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا الرسل.
[٢٦] (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ) بريء (١) (مِمَّا تَعْبُدُونَ) من الأصنام.
[٢٧] (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) خلقني (فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) يهديني إلى الطريق المستقيم ، والسين للتأكيد.
[٢٨] (وَجَعَلَها) جعل إبراهيم كلمة التوحيد (كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ذريته فلا يزال فيهم من يدعو إلى التوحيد ويوحد الله (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) من الشرك إلى التوحيد بدعائه ودعاء عقبه.
[٢٩] (بَلْ) أي سبب كفرهم ليس أنهم يرون ما جاء به الرسول باطلا ، وإنما لأنهم أترفوا وعادة المترفين الكفر (مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) بأنواع النعم فانهمكوا في الشهوات (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) ظاهر.
[٣٠] (وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا) القرآن (سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ) فزادوا إلى شركهم معاندة الحق.
[٣١] (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ) أهل (الْقَرْيَتَيْنِ) مكة والطائف (عَظِيمٍ) صفة رجل ، أرادوا الوليد بن مغيرة بمكة وعروة بن مسعود بالطائف فإنهم زعموا أن الرسالة لا تليق إلا بمن له مال وجاه.
[٣٢] (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) فيضعون النبوة حيث شاءوا (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ولم نكل تدبيرها إليهم فكيف نفوض أمر الرسالة الذي هو من أعظم الأمور إلى تقديراتهم (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) في الرزق والعلم والذكاء (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) مسخرا يستخدمه في حوائجه لتنتظم أمور العالم فليس المال والجاه دليل عظم الشخص حتى يكون قابلا للنبوة كما زعموا (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ) كالنبوة (خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) من الأموال ، وإنما يعطاها من كانت له قابلية نفسية.
[٣٣] (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) مجتمعين على الكفر ، حيث يرون الكفار أعلى درجة منهم ، لجعلنا الكفار أكثر مالا ، وذلك لبيان أن المال لا قيمة له ، خلاف ما زعموا من أن الأموال الكثيرة دليل العظمة (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ) بدل (لمن) (سُقُفاً) جمع سقف (مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ) جمع (معرج) وهو السلم ، أي سلالم من فضة (عَلَيْها يَظْهَرُونَ) يعلون السطوح.
__________________
(١) براء : مصدر لبرء يبرأ ، والمعنى : المبالغة في كونه بريئا.