[٤٨] (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ) من آياتنا كالعصا والطوفان والجراد (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) في الدلالة على صدق موسى عليهالسلام (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) كالجراد والقمل والضفادع (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن كفرهم.
[٤٩] (وَقالُوا) أي فرعون وملأه (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أن يكشف عنا العذاب إن صرنا في صدد الإيمان ، ادعه بكشف العذاب ، فإن كشفه ف (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) نقبل قولك.
[٥٠] (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) يخالفون عهدهم فلا يؤمنون.
[٥١] (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) تحت قصوري (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ما أنا فيه من العز والملك.
[٥٢] (أَمْ) تبصرون فتعلمون (أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا) موسى عليهالسلام بزعمه أن كثرة المال والملك دالة على الأفضلية (الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) حقير والعياذ بالله لا يصلح للرئاسة (وَلا يَكادُ يُبِينُ) لا يقدر على التكلم ، فإن موسى عليهالسلام لم يكن فصيح اللسان.
[٥٣] (فَلَوْ لا) فهلا إذا كان صادقا (أُلْقِيَ عَلَيْهِ) من السماء (أَسْوِرَةٌ) جمع سوار ، ما يلبس في اليد (مِنْ ذَهَبٍ) وكان ذلك من علائم الملوك يلبسون السوار من الذهب والفضة (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) يقترن بعضهم ببعض يشهدون له أنه نبي مرسل.
[٥٤] (فَاسْتَخَفَ) فرعون (قَوْمَهُ) بأن طلب من قومه الخفة في طاعته (فَأَطاعُوهُ) في الكفر والعصيان (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) خارجين عن طاعة الله.
[٥٥] (فَلَمَّا آسَفُونا) أغضبونا لما رأينا من عنادهم (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ).
[٥٦] (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) متقدمين على من أتى بعدهم من الكفار في نزول العذاب بهم (وَمَثَلاً) موعظة وعبرة (لِلْآخِرِينَ) الذين يأتون من بعدهم.
[٥٧] (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) ضرب المشركون مثلا بعيسى عليهالسلام لأجل إبطال كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث أنزل عليه (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) (١) فقالوا على هذا يلزم أن يكون عيسى عليهالسلام حصب جهنم لأنه عبد من دون الله ، جاهلين أنه ورد في الآية (ما) وهي تطلق على ما لا يعقل فلا تشتمل الآية المسيح عليهالسلام (إِذا قَوْمُكَ) قريش (مِنْهُ) من المثل (يَصِدُّونَ) يصيحون فرحا لزعمهم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم انقطع (٢).
[٥٨ ـ ٦٠] (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) عيسى عليهالسلام ، فإذا كان عيسى عليهالسلام الذي هو خير في النار فلتكن آلهتنا أيضا في النار (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) بالباطل (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) شديد والخصومة والجدال ، ثم عطف القرآن السياق إلى حقيقة أمر عيسى عليهالسلام بقوله : (إِنْ) ما (هُوَ) المسيح عليهالسلام (إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً) أمرا عجيبا كالمثل السائر ، أو آية (لِبَنِي إِسْرائِيلَ). (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) بدلكم (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) يخلف بعضهم البعض ، فإنا نقدر على إبادتكم أيها الكفار.
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٩٨.
(٢) صد يصد صدا : ضج وعج ، لسان العرب : ج ٣ ص ٢٤٦.