[١٦] (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ) فيما بعد (إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) أصحاب قوة ومراس في الحرب ، كثقيف وهوازن وغيرهما (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) بأن تخيروهم بين الأمرين من الإسلام أو القتال ، وذلك لنقضهم العهد مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَإِنْ تُطِيعُوا) بإجابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى القتال (يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) غنيمة في الدنيا وثوابا في الآخرة (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) تعرضوا عن القتال (كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) في الحديبية (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) مؤلما.
[١٧] (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ضيق في ترك الجهاد (وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ) الذي يصعب عليه الجهاد (حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت أشجارها (الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَ) يعرض عن أوامر الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) مؤلما.
[١٨] (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ) يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) التي كانت في الحديبية ، فقد خرج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في أصحابه لأجل العمرة ، ولما وصل إلى الحديبية وهي موضع قرب مكة أرسل بعض أصحابه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت للقتال ، فشاع بين المسلمين أن من ذهب إلى قريش قتل ، فغضب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للخبر وجمع أصحابه وأخذ منهم بيعة ثانية لقتال قريش ، لكن قريشا لما علموا بالخبر أرسلوا بعضهم للمفاوضة مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الرجوع والمجيء إلى مكة في العام المقبل ، وتبين أن الإشاعة كانت باطلة ، وبعد الحديبية ذهب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى خيبر وفتحها (فَعَلِمَ) الله (ما فِي قُلُوبِهِمْ) من صدق النية للقتال (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ) السكون والطمأنينة (عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ) أعطاهم ثواب صدقهم (فَتْحاً قَرِيباً) هو فتح خيبر.
[١٩] (وَ) أثابهم (مَغانِمَ) غنائم (كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) في سلطانه (حَكِيماً) في أفعاله.
[٢٠] (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ) من المشركين وغيرهم في المستقبل (كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) غنائم خيبر أعطاكم إياها عاجلا (وَكَفَ) منع (أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) فإن يهود خيبر وحلفاءهم لم يقدروا على مقابلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَلِتَكُونَ) هذه الغنائم العاجلة (آيَةً) علامة على صدق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث وعدهم ثم صار كما وعد (لِلْمُؤْمِنِينَ) فإنهم المستفيدون منها (وَيَهْدِيَكُمْ) يثبتكم على الهداية (صِراطاً مُسْتَقِيماً).
[٢١] (وَ) وعدكم الله مغانم (أُخْرى) عاجلة أيضا كغنائم خيبر (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) بعد (قَدْ أَحاطَ) استولى (اللهُ بِها) حيث علم أنكم تأخذونها عن قريب (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
[٢٢] (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة في الحديبية (لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) انهزموا (ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) يلي أمرهم بحفظهم (وَلا نَصِيراً) ينصرهم ، وإنما أمر الله بالصلح معهم ، لأنه تعالى أراد فتحها بدون إراقة دم وبدون جهد.
[٢٣] (سُنَّةَ اللهِ) أي سن الله غلبة أنبيائه سنة (الَّتِي قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلُ) في سائر الأنبياء عليهمالسلام حيث نصرهم على الكفار (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) تغييرا.