[١٠] (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) والبيعة أن يمد الشخص يده مادة بيد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كناية عن أنه باع كل شيء للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد هنا بيعة الحديبية (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) لأنه المقصود بالبيعة ولأن طاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هي طاعة الله (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) تمثيل للتأكيد حيث شبهت يد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حال البيعة بيد الله (فَمَنْ نَكَثَ) نقض البيعة (فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) إذ ضرر النكث يعود إلى نفسه (وَمَنْ أَوْفى) ثبت على الوفاء (بِما عاهَدَ عَلَيْهُ) يجوز في الضمير المجرور الخفض والضم ، وهنا القراءة على الضم (اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ) في الآخرة (أَجْراً عَظِيماً) هو الجنة.
[١١] (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ) الذين خلّفهم ضعف اليقين فلم يخرجوا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مكة عام الحديبية خوفا من الكفار (مِنَ الْأَعْرابِ) أهل البادية الذين كان لهم مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حلف (شَغَلَتْنا) عن الخروج معك (أَمْوالُنا) التي كنا بصدد إصلاحها (وَأَهْلُونا) الذين كنا نداريهم ونقوم بحوائجهم (فَاسْتَغْفِرْ لَنا) اطلب أن يغفر الله لنا قعودنا عن الخروج معك (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) لأن عدم خروجهم كان خوفا لا شغلا (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) أي من يمنعكم عن مراد الله إن أراد بكم إيقاع ضرر فما فائدة فراركم من الخروج مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أن الله مسيطر عليكم (أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) جاء هذا لتتميم الكلام وبيان القاعدة الكلية وإن لم يكن هو بالذات محل الاستشهاد (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من التخلف عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خوفا (خَبِيراً) فيجازيكم عليه.
[١٢] (بَلْ ظَنَنْتُمْ) أيها الأعراب (أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) لا يرجعون ، لأن الكفار سيقتلونهم ولذا لم تخرجوا (وَزُيِّنَ) زينه الشيطان (ذلِكَ) الظن (فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) بهلاك الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) جمع بائر ، أي هالكين ، بسبب تخلفكم عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[١٣] (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا) هيّأنا (لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) نارا ذات لهب.
[١٤] (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيدبرهما كيف يشاء حسب المصلحة (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) من استحق العقاب (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) كثير الغفران (رَحِيماً) فقد سبقت رحمته غضبه.
[١٥] (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) الذين تخلفوا عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في عام الحديبية (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) أيها المسلمون (إِلى مَغانِمَ) غنائم (لِتَأْخُذُوها) والمراد غنائم خيبر ، إذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما رجع عن الحديبية غزى خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وخصهم بغنائمها دون من سواهم (ذَرُونا) دعونا (نَتَّبِعْكُمْ) في الغزو وأخذ الغنيمة (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) فإن الله وعد أصحاب الحديبية بغنائم خيبر دون من سواهم فإعطاء المخلفين من الغنائم تبديل لكلام الله (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) نفي في معنى النهي (كَذلِكُمْ) هكذا و(كم) للخطاب (قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) قبل عودنا من الحديبية (فَسَيَقُولُونَ) أي المخلفون (بَلْ تَحْسُدُونَنا) أن نشارككم في الغنيمة (بَلْ) ليس كذلك وإنما (كانُوا) أي المخلفون (لا يَفْقَهُونَ) لا يفهمون الحكم والمصالح (إِلَّا قَلِيلاً) منها ، فإن هذا العمل يوجب أن لا يتخلف أحد من بعد عن أوامر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خوفا من أن يصيبه الحرمان.