[٥] (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) بدون أن ينادوك (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) من الاستعجال لما في الصبر من حفظ الآداب (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن تاب (رَحِيمٌ) ولذا لا يعاجلهم بالعقاب.
[٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) بخبر (فَتَبَيَّنُوا) اطلبوا بيان صدقه وكذبه ولا ترتبوا الأثر على خبره فورا وذلك ل (إِنْ) لا (تُصِيبُوا) بمكروه (قَوْماً) ممن وشي الفاسق عليهم (بِجَهالَةٍ) في حال كونكم جاهلين أمرهم (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ) من إصابة القوم بالأذى (نادِمِينَ) حين تبين كذب الفاسق ، وقد وشى الوليد الفاسق على بني المصطلق كذبا فأراد جمع من المسلمين الانتقام منهم وطلبوا من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك فنزلت الآية ناهية عن الاستعجال وإنه يلزم عليهم اتباع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا أن يطلبوا من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم اتباع آرائهم.
[٧] (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ) الذي تريدون أن يتبع رأيكم فيه (لَعَنِتُّمْ) وقعتم في العنت والمشقة (وَلكِنَ) بيان لعذر المسلمين حيث استعجلوا في تصديق الخبر فإنهم من فرط حبهم للإيمان وكراهتهم الكفر أشاروا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالانتقام من القوم (اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ) أي الإيمان (فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ) الخروج عن الطاعة (وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ) المستثنون (هُمُ الرَّاشِدُونَ) المهتدون الذين لهم رشد فكري.
[٨] (فَضْلاً مِنَ اللهِ) حبب وكره فضلا وزيادة منه تعالى لا باستحقاقكم (وَنِعْمَةً) منه عليكم (وَاللهُ عَلِيمٌ) بأحوال المؤمنين (حَكِيمٌ) في أوامره ونواهيه.
[٩] (وَإِنْ طائِفَتانِ) جماعتان كما حدث بين الأوس والخزرج على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) تقاتلوا (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالنصح ودعوتهم إلى الرجوع إلى موازين الشريعة (فَإِنْ بَغَتْ) تعدت بعد النصح (إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا) أيها المسلمون الطائفة (الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ) ترجع (إِلى أَمْرِ اللهِ) في الصلح والرضوخ لحكم الشرع (فَإِنْ فاءَتْ) رجعت الطائفة المعتدية (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ) بأن تأخذوا من الظالم منهما دية المظلوم وما أشبه ذلك ، لا بمثل الأحكام الاعتباطية والعادات القبلية (وَأَقْسِطُوا) اعدلوا في كل أمر (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
[١٠] (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) كأن الدين أب لهم فهم أخوة في الدين (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) إذا تخاصما (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) بتقواكم.
[١١] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ) رجال (مِنْ قَوْمٍ عَسى) لعل (أَنْ يَكُونُوا) أي المسخورون (خَيْراً مِنْهُمْ) من الساخرين ، عند الله فكيف يسخرهم لبعض الأمور الدنيوية (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) لا يعيب بعضكم بعضا فإن المؤمنين كنفس واحدة (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه (بِئْسَ الِاسْمُ) أي العلامة (الْفُسُوقُ) الخروج عن طاعة الله (بَعْدَ الْإِيمانِ) فإنكم حيث كنتم مؤمنين لا تعملوا على أنفسكم علامة الفسق بسبب التنابز بالألقاب (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) من هذه المعاصي (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أنفسهم بتعريضها للعقاب.