[٢٥٣] (تِلْكَ) الأنبياء الذين تقدمت أسماؤهم (الرُّسُلُ) الذين أرسلهم الله إلى الناس (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) وهو موسى عليهالسلام (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) بأن كان بعضهم فوق بعض بدرجات متعددة ، بينما أن بعضهم كان أفضل من آخر بدرجة واحدة ، ولعل الآية إشارة إلى رسول الإسلام (وَآتَيْنا) أعطينا (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ) الأدلة الواضحات (وَأَيَّدْناهُ) قويناه (بِرُوحِ الْقُدُسِ) بروح مطهرة (وَلَوْ شاءَ اللهُ) مشيئة إلجاء واضطرار (مَا اقْتَتَلَ) ما تقاتلوا (الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي بعد الرسل ، كما اقتتل اليهود والنصارى (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) لأن الأدلة الواضحة شأنها اتفاق الناس فيها (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا) حسدا وظلما (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) تأكيد لما سبق (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) من إعطاء الاختيار للإنسان حتى يفعل ما يشاء ليجازيه في الآخرة بأعماله.
[٢٥٤] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) من مال وجاه وقوة وعلم وغيرها (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) هو يوم القيامة (لا بَيْعٌ) تجارة (فِيهِ وَلا خُلَّةٌ) صداقة ، فلا تنفع الصداقة هناك (وَلا شَفاعَةٌ) إلا بإذن الله (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنهم يظلمون أنفسهم التي هي أعز الأشياء عندهم.
[٢٥٥] (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قائم على جميع الأمور بالعلم والقدرة والرعاية (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ) الفتور قبل النوم (وَلا نَوْمٌ ، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، مَنْ ذَا) استفهام إنكار (الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي لا يتمكن أحد من الشفاعة لأحد إلا إذا أذن الله له بالشفاعة (يَعْلَمُ) الله سبحانه (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أي ما فعلوا في حياتهم كأنه أمامهم (وَما خَلْفَهُمْ) أي الآثار التي خلفوها من بعدهم من خير أو شر (وَلا يُحِيطُونَ) أي الناس إحاطة اطلاع (بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) معلوماته (إِلَّا بِما شاءَ) من العلم فما أراد أن يعلمه الناس علموه (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) أي ملكه (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي كل الكون (وَلا يَؤُدُهُ) أي لا يشق عليه (حِفْظُهُما) أي حفظ السماوات والأرض (وَهُوَ الْعَلِيُ) الرفيع (الْعَظِيمُ).
[٢٥٦] (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) فان الله لم يلجئ الإنسان إلى قبول دينه بل جعل لهم الاختيار حتى يثيب من قبل ويعاقب من رفض (قَدْ تَبَيَّنَ) أي وضح بسبب الآيات (الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) الضلال (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ) ما يعبد من دون الله (وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) وحده (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) تمسك (بِالْعُرْوَةِ) هي يد الكوز وما أشبه ، شبه بها الدين (الْوُثْقى) مؤنث أوثق أي الأكثر استحكاما (لَا انْفِصامَ لَها) أي لا انقطاع لتلك العروة حتى يوجب ابتعاد الإنسان عن الخير (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).