[٨] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا) ارجعوا عن الآثام (إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) خالصا (عَسى) لعل إذا تبتم (رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ) يمحو (عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت أشجارها وقصورها (الْأَنْهارُ) في (يَوْمَ لا يُخْزِي) لا يذل (اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) بل يعزهم ، ويذل الكفار والعصاة (نُورُهُمْ) فإن للمحشر ظلمات ، وللمؤمنين نور في وجوههم الساجدة لله وفي أيمانهم التي فيها صحائف حسناتهم (يَسْعى) يمتد شعاعه ويسير بسيرهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) بإدخالنا الجنة (وَاغْفِرْ لَنا) معاصينا (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من إتمام النور وغفران العصيان.
[٩] (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالحرب (وَالْمُنافِقِينَ) بالكلام وما يردعهم (وَاغْلُظْ) كن غليظا شديدا (عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ) محلهم (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) الذي يصير المنافقون إليه.
[١٠] (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) لبيان أنه كيف أنه يعاقب الكافر بكفره (لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) بالكفر (فَلَمْ يُغْنِيا) لم يفد نوح ولوط عليهماالسلام (عَنْهُما) عن الزوجتين (مِنْ) عذاب (اللهِ شَيْئاً) فلم يتمكنا أن يدفعا عنهما ولو بعض العذاب ، فلا قربهما من النبي أفادهما ، ولا تمكن النبي من شفاعتهما (وَقِيلَ) لهما (ادْخُلَا النَّارَ) في عالم البرزخ ، قبل نار الآخرة (مَعَ الدَّاخِلِينَ) سائر الكفار والعصاة.
[١١] (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) لبيان أنه كيف يثاب المؤمن ولا يضره كفر من كان قريبا منه (لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) آسية بنت مزاحم حيث آمنت بموسى عليهالسلام (إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ) من البناء (لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ) نفس (فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) السيئ (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التابعين لفرعون ، فاستجاب الله لها ورأت محلها في الجنة وهي بعد في دار الدنيا.
[١٢] (وَ) امرأة أخرى ، لم يكن أحد من أطرافها كافرا ، فمثالان لقسمين من النساء (مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ) حفظت (فَرْجَها) من الحرام (فَنَفَخْنا فِيهِ) في الفرج بواسطة جبرئيل (مِنْ رُوحِنا) الروح المشرف بنسبته إلينا (١) (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) بما قال الله تعالى في شرائعه (وَكُتُبِهِ) كتب الأنبياء عليهمالسلام (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) في جملة المطيعين لله ، ولذا اختارها الله واصطفاها.
__________________
(١) أي روح خلقناه وقد شرف بنسبته إلى الباري عزوجل.