[١٧٤] (فَانْقَلَبُوا) أي رجع هؤلاء المؤمنون من بدر الصغرى بعد أحد (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) فإن الله أنعم عليهم بالعافية من الحرب إذ خاف الكفار وانهزموا (وَفَضْلٍ) زيادة ثواب (لَمْ يَمْسَسْهُمْ) لم يمسّهم (سُوءٌ) جراحة أو كيد أو ما أشبه (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) أي رضاه حيث أطاعوا أمره بالخروج إلى بدر (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
[١٧٥] (إِنَّما ذلِكُمُ) أي المثبط عن الخروج إلى القتال (الشَّيْطانُ) الذي خوّف المسلمين (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) أي أحباء الشيطان فإنهم يخافون ، أما المؤمنون فلا يخافون (فَلا تَخافُوهُمْ) أي لا تخافوا أولياء الشيطان (وَخافُونِ) أي خافوا عقابي بالمخالفة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
[١٧٦] (وَلا يَحْزُنْكَ) يا رسول الله (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) أي يبادرون إلى الكفر بالارتداد عن الإسلام (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ) بتركهم حتى يكفروا (أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا) نصيبا من الثواب (فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
[١٧٧] (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) بأن تركوا الإيمان واتخذوا الكفر (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم.
[١٧٨] (وَلا يَحْسَبَنَ) أي لا يظننّ (الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي) الإملاء : الإمهال وإطالة العمر (لَهُمْ خَيْرٌ) فانه ليس خيرا (لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) فان طول عمرهم سبب زيادة معاصيهم (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) يهينهم في نار جهنّم.
[١٧٩] (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ) أي يترك (الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من اشتباه المؤمن بالمنافق (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ) المنافق (مِنَ الطَّيِّبِ) المؤمن ، والتميز إنما هو بأوامر يطيعها المؤمن ويتركها المنافق فيتميّزان (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) حتى تميزوا الإيمان من النفاق في القلوب ، وإنما يظهر ذلك بالشدائد في الامتحانات (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي) يختار (مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) فيطلعه على الغيب ويعرف المؤمن من المنافق (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) مخلصين ، لان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يعرف المخلص من غيره (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا) المعاصي (فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
[١٨٠] (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي بخلهم بمنع الحق الواجب الذي أعطاهم الله إياه (هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ) أي البخل (شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ) أي يكون وبال بخلهم كالطوق الملازم لأعناقهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فان الله يرث كل شيء ، فما بال هؤلاء يبخلون مما سينتقل عنهم إلى الله (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).