[٤٥] (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ) فهو يعلم أن هؤلاء اليهود أعداء لكم (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا) يلي أمركم فلا يضركم كيد اليهود (وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) ينصركم على أعدائكم.
[٤٦] (مِنَ الَّذِينَ) بيان (للذين أوتوا) (هادُوا) أي اليهود (يُحَرِّفُونَ) يبدلون (الْكَلِمَ) جمع كلمة ، والمراد بها كلام التوراة (عَنْ مَواضِعِهِ) التي وضعه الله فيها فيبدلون كلمة الله بكلام أنفسهم (وَيَقُولُونَ سَمِعْنا) قولك (وَعَصَيْنا) أمرك (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) أي اسمع لا سمعت ، وهذا دعاء منهم على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لخبثهم (وَ) يقولون (راعِنا) يريدون به السبّ ، لأن معناه اسمع لا سمعت (لَيًّا) أي التواء (بِأَلْسِنَتِهِمْ) فإنهم يقولون لفظا له معنيان ، ويريدون به المعنى السيئ (وَطَعْناً) أي عيبا (فِي الدِّينِ) أي الإسلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ) بدل ما تقدم (قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) أوامرك (وَ) قالوا (اسْمَعْ وَ) قالوا (انْظُرْنا) عوض : راعنا (لَكانَ) قولهم ذلك (خَيْراً لَهُمْ) في دنياهم وأخراهم (وَأَقْوَمَ) أقرب إلى العدل (وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم عن الخير (بِكُفْرِهِمْ) أي بسبب كفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم.
[٤٧] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) أي القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) فإن القرآن يصدّق التوراة والإنجيل (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) بان نمحو معالم الوجه من العين وما أشبه (فَنَرُدَّها) أي تلك الوجوه (عَلى أَدْبارِها) بان يوضع الوجه مكان القفا والقفا مكان الوجه (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) أي نمسخهم (كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ) الذين كانوا يصطادون في السبت بعد تحريم ذلك عليهم فمسخناهم قردة (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) الذي يريده (مَفْعُولاً) أي يفعل وينطبق في الخارج.
[٤٨] (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إذا مات مشركا (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) دون الشرك (لِمَنْ يَشاءُ) من عباده تفضلا (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) فإنه ذنب عظيم ، وافتراء ، لأنه تعالى لا شريك له.
[٤٩] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) فإن أهل الكتاب كانوا يقولون نحن أحباء الله ، ومعناه انهم طاهرون عن الآثام (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) فإنه أعلم بالسرائر ولذا تكون تزكيته مطابقة للواقع ، أو المراد ان الله يطهر من يشاء من الذنوب (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) هو ما في شق النواة من الخيط أي لا يظلم الله الإنسان بمقدار هذا الخيط.
[٥٠] (انْظُرْ) يا رسول الله (كَيْفَ يَفْتَرُونَ) أي أهل الكتاب (عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في تحريفهم التوراة (وَكَفى بِهِ) أي يكفي هذا الافتراء (إِثْماً) أي عصيانا (مُبِيناً) واضحا.
[٥١] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً) أي قسما (مِنَ الْكِتابِ) أي التوراة ، وهم اليهود حيث أوتوا قسما منه لان السابقين منهم حرفوا وضيعوا قسما منه (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ) كل صنم (وَالطَّاغُوتِ) كل طاغ يعبد دون الله ، وذلك حين قال أهل الكتاب للمشركين دينكم خير من دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ) أي في الذين (كَفَرُوا) من المشركين (هؤُلاءِ أَهْدى) أرشد طريقا (مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً).