من الفجور ، فإن هذا حكم خصّ الله به الأزواج في قذف نسائهم فتقوم الشهادات الأربع مقام الشهود الأربعة في دفع حدّ القذف عنهم ، ثم يقول في المرة الخامسة : لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) ويدفع عن المرأة حدّ الزنا (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) معناه : أن تقول المرأة أربع مرات مرة بعد أخرى : أشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما قذفني به من الزنا (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) أي وتقول في الخامسة : غضب الله عليّ (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما قذفني به من الزنا ، ثم يفرّق الحاكم بينهما ولا تحل له أبدا ، وكان عليها العدة من وقت العانها (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) جواب لولا محذوف تقديره ولولا فضل الله عليكم بالنهي عن الزنا والفواحش وإقامة الحدود لتهالك الناس ، ولفسد النسل ، وانقطع الأنساب عن أبي مسلم.
١١ ـ ١٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ) أي بالكذب العظيم الذي قلب فيه الأمر عن وجهه (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) أيها المسلمون قال ابن عباس وعائشة : منهم عبد الله بن أبي سلول ، وهو الذي تولى كبره ، ومسطح بن اثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) هذا خطاب لعائشة وصفوان لأنهما قصدا بالافك ، ولمن اغتمّ بسبب ذلك ، وخطاب لكل من رمي بسبب ، عن ابن عباس ، أي لا تحسبوا غمّ الأفك شرّا لكم بل هو خير لكم ، لأن الله تعالى يلزم أصحاب الأفك ما استحقّوه بالإثم الذي ارتكبوه وقال الحسن : هذا خطاب للقاذفين من المؤمنين والمعنى : لا تحسبوا أيها القذفة هذا التأديب شرا لكم بل هو خير لكم فإنه يدعوكم إلى التوبة ، ويمنعكم عن المعاودة إلى مثله (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) بقدر ما خاض وأفاض فيه وقيل معناه : على كل امرىء منهم عقاب ما اكتسب (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) أي تحمل معظمه (مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) المراد به عبد الله بن أبي سلول ، أي فإنه كان رأس أصحاب الأفك ، كان يجتمع الناس عنده ويحدثهم بحديث الإفك ، ويشيع ذلك بين الناس ، ويقول : امرأة نبيّكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها والله ما نجت منه ولا نجا منها ، والعذاب العظيم عذاب جهنّم في الآخرة (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) معناه : هلا حين سمعتم هذا الأفك من القائلين له ظن المؤمنون والمؤمنات بالذين هم كأنفسهم خيرا لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور ، فإذا جرى على أحدهم محنة فكأنّها جرت على جماعتهم فهو كقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) عن مجاهد ، وعلى هذا يكون خطابا لمن سمعه فسكت ولم يصدق ولم يكذب وقيل : هو خطاب لمن أشاعه والمعنى : هلا إذا سمعتم هذا الحديث ظننتم بها ما تظنونه بأنفسكم لو خلوتم بها ، وذلك لأنها كانت أم المؤمنين ، ومن خلا بأمه فإنه لا يطمع فيها وهي لا تطمع فيه (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي وهلا قالوا : هذا القول كذب ظاهر (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي هلا جاءوا على ما قالوه ببينة وهي أربعة شهداء يشهدون بما قالوه (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ) أي فحين لم يأتوا بالشهداء (فَأُولئِكَ) الذين قالوا هذا الأفك (عِنْدَ اللهِ) أي في حكمه (هُمُ الْكاذِبُونَ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بأن أمهلكم لتتوبوا ولم يعاجلكم بالعقوبة (لَمَسَّكُمْ) أي أصابكم (فِيما أَفَضْتُمْ) أي خضتم (فِيهِ) من الأفك (عَذابٌ عَظِيمٌ) أي عذاب لا انقطاع له عن ابن عباس ، ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب فيه لولا فضله فقال (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي يرويه بعضكم عن بعض عن مجاهد ومقاتل وقيل معناه : يلقيه بعضكم إلى بعض ، عن