لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فحسن إسلامها ، وقيل : انها لما جلست دعاها سليمان الى الإسلام وكانت قد رأت الآيات والمعجزات ، فأجابته وأسلمت وزوّجها من ملك يقال له تبع وردّها الى أرضها.
٤٥ ـ ٥٣ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ) في النسب (صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) أي أرسلناه بأن اعبدوا الله وحده لا شريك له (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) أي مؤمنون وكافرون يقول كل فريق : الحق معي (قالَ) صالح للفريق المكذب (يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي بالعذاب قبل الرحمة ، أي لم قلتم : ان كان ما أتيتنا به حقا فأتنا بالعذاب؟ وسمي العذاب سيئة لما فيه من الآلام ولأنه ، جزاء على السيئة لأن السيئة هي الخصلة التي تسوء صاحبها (لَوْ لا) أي هلا (تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) أي تطلبون مغفرته من الشرك بأن تؤمنوا (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فلا تعذّبون في الدنيا (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) أي تشأمنا بك وبمن على دينك ، وذلك أنهم قحط المطر عنهم وجاعوا فقالوا : أصابنا هذا الشرّ من شؤمك وشؤم أصحابك (قالَ) لهم صالح (طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) أي الشوم أتاكم من عند الله بكفركم ، وهذا كقوله : (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) أي تختبرون بالخير والشر عن ابن عباس وقيل : تعذبون بسوء أعمالكم عن محمد بن كعب وقيل : تبتلون وتمتحنون بطاعة الله ومعصيته (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) يعني التي بها صالح وهي الحجر (تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) كانت هذه التسعة النفر من أشرافهم وهم غواة قوم صالح ، وهم الذين سعوا في عقر الناقة (وَلا يُصْلِحُونَ) أي لا يطيعون الله تعالى ، وذكر ابن عباس أسماءهم وقال : هم قدار بن سالف ومصدع ودهمي ودهيم ودعمي ودعيم وأسلم وقتال وصداف (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ) أي قالوا فيما بينهم : احلفوا بالله (لَنُبَيِّتَنَّهُ) أي لنقتلن صالحا (وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) أي لذي رحم صالح ان سألنا عنه (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) أي ما قتلناه وما ندري من قتله وأهلكه (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) في هذا القول. قال الزجاج : كان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحا وأهله ثم ينكروا عند أوليائه أن يكونوا فعلوا ذلك أو رأوه ، وكان هذا مكرا عزموا عليه. قال الله تعالى (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) أي جازيناهم جزاء مكرهم بتعجيل عقوبتهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بمكر الله بهم ، فإنهم دخلوا على صالح ليقتلوه فأنزل الله سبحانه الملائكة فرموا كل واحد منهم بحجر حتى قتلوهم وسلم صالح من مكرهم عن ابن عباس ، وقيل : ان الله أمر صالحا بالخروج من بينهم. ثم استأصلهم بالعذاب وقيل : نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضا ليأتوا صالحا فخرّ عليهم الجبل ، عن مقاتل (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) أي أهلكناهم بما ذكرناه من العذاب (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) بصيحة جبرائيل (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ) أشار إلى بيوتهم والمعنى : فانظر إليها (خاوِيَةً) نصب على الحال ، أي فارغة خالية (بِما ظَلَمُوا) أي بظلمهم وشركهم بالله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في إهلاكهم (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي لعبرة لمن نظر إليها واعتبر بها. وفي هذه الآية دلالة على أن الظلم يعقب خراب الدور ، وروي عن ابن عباس أنه قال : أجد في كتاب الله أن الظلم يخرب البيوت وتلا هذه الآية. وقيل : ان هذه البيوت بوادي القرى بين المدينة والشام (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) به (وَكانُوا يَتَّقُونَ) قالوا : انهم أربعة آلاف خرج بهم صالح إلى حضرموت ، وسمي حضرموت لأن صالحا لما دخلها مات.
٥٤ ـ ٥٩ ـ ثم ذكر سبحانه قصة لوط عاطفا بها على ما تقدّم فقال (وَلُوطاً) أي وأرسلنا لوطا (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) منكرا