(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) أي من المهلكين ، عن الأخفش ، وقيل : من المشوهين في الخلقة بسواد الوجوه ، وزرقة الأعين ، عن الكلبي عن ابن عباس ، وقيل : من الممقوتين المفضوحين.
٤٢ ـ ٥٠ ـ ثم ذكر سبحانه من أخبار موسى عليهالسلام ما فيه دلالة على معجزة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يعني التوراة (مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) أي الجموع التي كانت قبله من الكفار مثل قوم نوح وعاد وثمود (بَصائِرَ لِلنَّاسِ) أي حججا وبراهين للناس ، وعبرا يبصرون بها أمر دينهم ، وأدلّة يستدلّون بها في أحكام شريعتهم (وَهُدىً) أي دلالة لمن اتبعه يهتدي بها (وَرَحْمَةً) لمن آمن به (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي يتّعظون ويعتبرون ، وجاءت الرواية بالإسناد عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة ، ألم تر أن الله تعالى قال (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) ، الآية (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) أي وما كنت يا محمد حاضرا بجانب الجبل الغربي ، أي في الجانب الغربي من الجبل الذي كلّم الله فيه موسى (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) معناه : أخبرناه بأمرنا ونهينا (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أي الحاضرين لذلك الأمر وبذلك المكان فتخبر قومك عن مشاهدة وعيان ، ولكنا أخبرناك به ليكون معجزة لك (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي خلقنا قرنا بعد قرن فطال عهدهم بالمهلكين قبلهم وفترة النبوة ، فحملهم ذلك على الإغترار ، وأنكروا بعثة الله رسله لجهلهم بأمر الرسل ، فأرسلناك للناس رسولا ، وجعلناك رحمة للناس كما جعلنا موسى رحمة ، وقيل ان المعنى : خلقنا خلقا كثيرا عهدنا إليهم في نعتك وصفتك ، وأمرنا الأول بالإبلاغ للناس إلى الثاني ، فامتدّ بهم الزمان فنسوا عهدنا إليهم فيك (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) معناه : وما كنت مقيما في قوم شعيب تتلو عليهم آياتنا ، قال مقاتل : معناه : ولم تشهد أهل مدين فتقرأ على أهل مكة خبرهم (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) أي أرسلناك إلى أهل مكة ، وأنزلنا عليك هذه الأخبار ولو لا ذلك لما علمتها. قال الزجاج : المعنى : أنك لم تشاهد قصص الأنبياء ولا تليت عليك ، ولكنا أوحيناها إليك ، وقصصناها عليك حتى تخبر قومك بهذا ، فيدلّ ذلك على صحة نبوتك (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) أي ولم تك حاضرا بناحية الجبل الذي كلمنا عليه موسى وناديناه : يا موسى خذ الكتاب بقوة (وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) أي ولكن الله تعالى أعلمك ذلك ، وعرفك إياه ، نعمة من ربك أنعم بها عليك ، وهو أن بعثك نبيا ، واختارك لإيتاء العلم بذلك معجزة لك (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) أي لتنذر العرب الذين لم يأتهم رسول قبلك (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي لكي يتفكروا ويعتبروا وينزعوا عن المعاصي (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) معناه : لو لا أن لهم أن يحتجّوا لو أصابتهم عقوبة بأن يقولوا : هلا أرسلت إلينا رسولا يدعونا إلى ما يجب الإيمان به فنتّبع الرسول ، ونأخذ بشريعته ، ونصدّق به لما أرسلنا الرسل ، ولكنا أرسلنا رسلا لقطع حجتهم ، وهو في معنى قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) أي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن والإسلام (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ) أي هلا أعطي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) معناه : هلا أوتي كتابا جملة واحدة وإنما قاله اليهود أو قريش بتعليم اليهود ، فاحتجّ الله عليهم بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ