الحياة في وقت قدر على فعلها في كل وقت ، ومن عجز عن ذلك في وقت مع ارتفاع الموانع المعقولة ، وكونه حيا عجز عنه في كلّ وقت (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ذلك بعدولهم عن النظر الموجب للعلم بصحته (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهو قادر على البعث والإعادة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) العادلون عن الحق ، الفاعلون للباطل أنفسهم وحياتهم في الدنيا لا يحصلون من ذلك إلّا على عذاب دائم (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) أي وترى يوم القيامة أهل كل ملّة باركة على ركبها ، عن ابن عباس وقيل : باركة مستوفزة على ركبها كهيئة قعود الخصوم بين يدي القضاة عن مجاهد والضحاك وابن زيد وقيل : إنّ الجثوّ للكفار خاصّة وقيل : هو عامّ للكفار والمؤمنين ينتظرون الحساب (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) أي كتاب أعمالها الذي كان يستنسخ لها وقيل : إلى كتابها المنزل على رسولها ليسئلوا عما عملوا به (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يقال لهم ذلك (هذا كِتابُنا) يعني ديوان الحفظة (يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) أي يشهد عليكم بالحق والمعنى : يبيّنه بيانا شافيا حتى كأنّه ناطق (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي نستكتب الحفظة ما كنتم تعملون في دار الدنيا ، والاستنساخ : الأمر الحفظة ما كنتم تعملون في دار الدنيا ، والاستنساخ : الأمر بالنسخ مثل الاستكتاب : الأمر بالكتابة ، وقيل : المراد بالكتاب اللوح المحفوظ يشهد بما قضي فيه من خير وشرّ ، وعلى هذا فيكون معنى نستنسخ : ان الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدوّن عندها من أحوال العباد ، وهو قول ابن عباس (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) أي جنّته وثوابه (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) أي الفلاح الظاهر.
٣١ ـ ٣٧ ـ ثم عقّب سبحانه الوعد بالوعيد فقال (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) أي فيقال لهم : أفلم تكن حججي وبيّناتي تقرأ عليكم من كتابي (فَاسْتَكْبَرْتُمْ) أي تعظمتم عن قبولها (وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ) أي كافرين كما قال : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) والفاء في قوله أفلم تكن دالّة على جواب اما المحذوف (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أي ان ما وعد الله به من الثواب والعقاب كائن لا محالة (وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها) أي وانّ القيامة لا شكّ في حصولها (قُلْتُمْ) معاشر الكفار (ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) وأنكرتموها (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) ونشكّ فيه (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) في ذلك (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) أي ظهر لهم جزاء معاصيهم التي عملوها (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي جزاء استهزائهم (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) أي نترككم في العقاب (كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي تركتم التأهّب للقاء يومكم هذا عن ابن عباس وقيل معناه نحلّكم في
__________________
قال الإمام الصّادق عليهالسلام ؛ من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزوجل مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة ؛ يقول : يا رب إنّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي ، فبلّغ به أكرم عطاياك.
قال : فيكسوه الله العزيز الجبار حلّتين من حلل الجنّة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ، ثم يقال له : هل أرضيناك فيه؟.
فيقول القرآن يا ربّ قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا ؛ فيعطى الأمن بيمينه ، والخلد بيساره ، ثم يدخل الجنة ، فيقال له : اقرأ واصعد درجة ، ثم يقال له : هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول : نعم.
قال : ومن قرأه كثيرا وتعاهده بمشقّة من شدّة حفظه أعطاه الله أجر هذا مرتين. أصول الكافي : ٢ / ٦٠٤.