بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما جاء به مما ترون من عدة الله في القرآن بالفتح والغنيمة.
٢١ ـ ٢٥ ـ ثم عطف سبحانه على ما تقدم يعد النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين فتوحا أخر فقال (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها) معناه : ووعدكم الله مغانم أخرى لم تقدروا عليها بعد ، وقيل معناه : وقرية اخرى لم تقدروا عليها قد أعدّها الله لكم وهي مكّة عن قتادة وقيل : هي ما فتح الله على المسلمين بعد ذلك إلى اليوم عن مجاهد وقيل : ان المراد بها فارس والروم ، عن ابن عباس والحسن والجبائي قال : كما ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بشرهم كنوز كسرى وقيصر ، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس والروم وفتح مدائنهم ، بل كانوا خولا لهم حتى قدروا عليها بالإسلام (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) أي قدر الله عليها وأحاط علما بها فجعلهم بمنزلة قوم قد أدير حولهم فما يقدر أحد منهم أن يفلت قال الفراء : أحاط الله بها لكم حتى يفتحها عليكم ، فكأنّه قال : حفظها عليكم ، ومنعها من غيركم حتى تفتحوها وتأخذوها (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من فتح القرى وغير ذلك (قَدِيراً وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من قريش يوم الحديبية يا معشر المؤمنين (لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) منهزمين بنصرة الله إياكم ، وخذلان الله إياهم (ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) يواليهم وينصرهم ويدافع عنهم ، وهذا من علم الغيب ، وفي الآية دلالة على انه يعلم ما لم يكن ان لو كان كيف يكون (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ) أي هذه سنّتي في أهل طاعتي وأهل معصيتي ، انصر أوليائي ، وأخذل أعدائي عن ابن عباس (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ) في نصرة رسله (تَبْدِيلاً) أي تغييرا (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) بالرعب (وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) بالنهي (بِبَطْنِ مَكَّةَ) يعني الحديبية (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) ذكر الله منته على المؤمنين بحجزه بين الفريقين حتى لم يقتتلا ، وحتى اتفق بينهم الصلح الذي كان أعظم من الفتح (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) مرّ تفسيره. ثم ذكر سبحانه سبب منعه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك العام دخول مكّة فقال (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أن تطوفوا وتحلوا من عمرتكم ، يعني قريشا (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي وصدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معه وكانت سبعين بدنة حتى بلغ ذي الحليفة ، فقلد البدن التي ساقها وأشعرها ، وأحرم بالعمرة حتى نزل بالحديبية ومنعه المشركون وكان الصلح ، فلما تمّ الصلح نحروا البدن ، فذلك قوله معكوفا ، أي محبوسا عن ان يبلغ محله ، أي منحره ، وهو حيث يحل نحره ، يعني مكة لأن هدي العمرة لا يذبح إلّا بمكّة ، كما ان هدي الحج لا يذبح إلّا بمنى (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) يعني المستضعفين الذين كانوا بمكة بين الكفار من أهل الإيمان (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) بأعيانهم لاختلاطهم بغيرهم (أَنْ تَطَؤُهُمْ) بالقتل وتوقعوا بهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) أي اثم وجناية (بِغَيْرِ عِلْمٍ) موضعه التقديم لأن التقدير : لو لا ان تطؤهم بغير علم وقوله (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) متعلق بمحذوف دلّ عليه معنى الكلام تقديره : فحال بينكم وبينهم ليدخل الله في رحمته من يشاء ، يعني من أسلم من الكفار بعد الصلح (لَوْ تَزَيَّلُوا) أي لو تميز المؤمنون من الكافرين (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) أي من أهل مكة (عَذاباً أَلِيماً) بالسيف والقتل بأيديكم ، ولكن الله تعالى يدفع بالمؤمنين عن الكفار ، فلحرمة اختلاطهم بهم لم يعذبهم.
النزول
سبب نزول قوله : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) الآية ، ان المشركين بعثوا أربعين رجلا عام الحديبية ليصيبوا من