الْقُرى) أي من أموال كفار أهل القرى (فَلِلَّهِ) يأمركم فيه بما أحب (وَلِلرَّسُولِ) بتمليك الله إياه (وَلِذِي الْقُرْبى) يعني أهل بيت رسول الله وقرابته وهم بنو هاشم (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) منهم ، لأن التقدير : ولذي قرباه ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم ؛ وروى المنهال بن عمرو عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال : قلت : (وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)؟ قال : قلت : ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل؟ قال : قربانا ومساكيننا وأبناء سبيلنا ، وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : كان أبي يقول : لنا سهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسهم ذي القربى ، ونحن شركاء الناس فيما بقي وقيل : ان مال الفيء للفقراء من قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب.
فقال (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) والدولة : اسم للشيء الذي يتداوله القوم بينهم ، يكون لهذا مرة ولهذا مرة ، أي لئلا يكون الفيء متداولا بين الرؤساء منكم يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية ؛ وهذا خطاب للمؤمنين دون الرسول وأهل بيته عليهمالسلام (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) أي ما أعطاكم الرسول من الفيء فخذوه وارضوا به ، وما أمركم به فافعلوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا عنه ، فإنّه لا يأمر ولا ينهى إلّا عن أمر الله ؛ وهذا عام في كل ما أمر به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونهى عنه وإن نزل في آية الفيء ، وروى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما أعطى الله نبيا من الأنبياء شيئا إلا وقد أعطى محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لسليمان (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، وقال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (وَاتَّقُوا اللهَ) في ترك المعاصي ، وفعل الواجبات (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن عصاه وترك أوامره (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة ، ومن دار الحرب إلى دار الإسلام (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) التي كانت لهم (يَبْتَغُونَ) أي يطلبون (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ) أي وينصرون دين الله (وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) في الحقيقة عند الله. ثم ثنّى سبحانه بوصف الأنصار ومدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفيء فقال (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) يعني المدينة وهي دار الهجرة ، تبوأها الأنصار قبل المهاجرين (وَالْإِيمانَ) التقدير : وآثروا الإيمان (مِنْ قَبْلِهِمْ) أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم ، والمراد به أصحاب ليلة العقبة وهم سبعون رجلا بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حرب الأبيض والأحمر (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) لأنّهم أحسنوا إلى المهاجرين وأسكنوهم دورهم ، واشركوهم في أموالهم (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي لا يجدون في قلوبهم حسدا وحزازة وغيظا مما أعطي المهاجرون دونهم من مال بني النضير (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) أي ويؤثرون المهاجرين ويقدمونهم على أنفسهم بأموالهم ومنازلهم (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) أي فقر وحاجة. بيّن سبحانه إن ايثارهم لم يكن عن غنى عن المال ، ولكن كان عن حاجة ، فيكون ذلك أعظم لأجرهم وثوابهم عند الله (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أي ومن يدفع عنه ، ويمنع عنه بخل نفسه (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي المنجحون الفائزون بثواب الله ونعيم جنته وقيل : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ، ولم يمنع شيئا أمره الله بأدائه ، فقد وقي شحّ نفسه ، ثم ثلث سبحانه بوصف التابعين فقال (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) يعني من بعد المهاجرين والأنصار ، وهم جميع التابعين لهم إلى يوم القيامة ، عن الحسن ، وقيل : هم كل من أسلم بعد انقطاع الهجرة ، وبعد إيمان الأنصار ، عن الأصم وأبي مسلم (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) أي يدعون ويستغفرون لأنفسهم ولمن سبقهم بالإيمان (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا