على ما أبرزه القرآن قبل مئات السنين ، من أنّ السماوات والأرض أي الشمس والكواكب وما هي فيه من العوالم ، كانت ملتحمة فصلها الله تعالى ، وقلنا : انّ هذه معجزة ، لأنّ هذا العلم لم يعرفه الناس إلّا في هذه العصور ، ـ إلى أن قال : ـ كأنّه يقول : سيرى الذين كفروا انّ السماوات والأرض كانت مرتوقة ففصلنا بينهما ، فهو وان ذكرها بلفظ الماضي فقد قصد منه المستقبل كقوله تعالى : أتى أمر الله وهذه معجزة تامة للقرآن ، وعجيبة من أعجب ما يسمعه الناس في هذه الحياة الدنيا. (١)
٣. يذكر في تفسير قوله سبحانه : ( وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ) (٢) قوله : والمارج المختلط بعضه ببعض ، فيكون اللهب الأحمر والأصفر والأخضر مختلطات ، وكما انّ الإنسان من عناصر مختلفات هكذا الجان من أنواع من اللهب مختلطات ، ولقد ظهر في الكشف الحديث انّ الضوء مركب من ألوان سبعة غير ما لم يعلموه. فلفظ المارج يشير إلى تركيب الأضواء من ألوانها السبعة ، وإلى انّ اللهب مضطرب دائماً ، وإنّما خلق الجن من ذلك المارج المضطرب ، إشارة إلى انّ نفوس الجان لا تزال في حاجة إلى التهذيب والتكميل. تأمل في مقال علماء الأرواح الذين استحضروها إذ أفادتهم إنّ الروح الكاملة تكون عند استحضارها ساكنة هادئة ، أمّا الروح الناقصة فانّها تكون قلقة مضطربة. (٣)
هذه النماذج ونظائرها استخرجها الأُستاذ الذهبي من تفسير الشيخ طنطاوي ، وأعقبها بقوله :
والكتاب ـ كما ترى ـ موسوعة علمية ، ضربت في كلّ فن من فنون العلم بسهم وافر ، ممّا جعل هذا التفسير يوصف بما يوصف به تفسير الفخر الرازي ،
______________________
١. الجواهر : ١٠ / ١٩٩. |
٢. الرحمن : ١٥. |
٣. الجواهر : ٢٤ / ١٧.